ملخص الرواية
وحدها شجرة الرمان رواية تتحدث عن شاب فقد طموحه بالعمل في مجال دراسته في كلية الفنون بسبب الظروف القاهرة التي تمخضت عن الحروب التي تعاقبت على بلده العراق وفي سبيل تأمين لقمة العيش والمسؤوليات الكبيرة التي تحكّمت في اختياراته وأجبرته على القبول بمهنة تغسيل الأموات التي كان يمقتها.
عرض الرواية
رصد الكاتب في هذه الرواية فترة الحرب العراقية الإيرانية ثم غزو الكويت والغزو الأمريكي للعراق والحرب الطائفية وانعكاساتها على حياة أسرة الراوي جواد والذي يعمل والده في مهنة تغسيل الأموات والتي توارثها أباً عن جَد، كانت علاقة جواد في طفولته وثيقة مع عمه صبري أخو والده الذي كان شيوعياً والذي كان يصطحبه معه لحضور مباريات كرة القدم.عندما بلغ جواد سن المراهقه اصطحبه والده مع أخيه الأكبر أمير إلى المغسل، كان أمير قد بدأ بمساعدة والده قبل جواد، يصاب جواد بالرعب لرؤية أجساد الموتى الممدّدة على دكة المغسل، والتي يقوم والده بغسلها وتكفينها وتجهيزها حسب طقوس الطائفة الشيعية، في الثمانينات يلتحق الأخ الكبير الطبيب أمير بالخدمة العسكرية الإلزامية والتي صدفت أثناء حرب العراق مع إيران ثم يستشهد أمير. يدخل جواد كلية الفنون مخالفاً لرغبة والده الذي يريده أن يدرس في كلية أخرى في زمن لم يعد للفن فيه قيمة.
بعد الصيف الأول في الكلية، يغادر جواد المغسل ويعثر على عمل في الدهان، يغزو الأمريكيون العراق ويخيم شبح الموت على بغداد، يموت الوالد بعد الغزو بعشرة أيام.
يخطب جواد ( ريم ) زميلته في كلية الفنون وأرملة جندي قتل في الحرب، تغادر ريم فجأة للأردن تاركة جواد في حيرة، ثم ترسل له رسالة بأنها مصابة بسرطان الثدي ولن تعود إليه أبداً .
بعد انتهاء الغزو الأمريكي للعراق تندلع حرب طائفية، تفجير للأماكن العامة، قتل، تهجير يزداد الموت في بغداد يوماً بعد يوم ، شخص اسمه ( الفرتوسي ) يأخذ على عاتقه مبادرة التبرّع لتغسيل الأموات المجهولين، ويعرض على جواد مساعدته في ذلك. يرفض جواد ويحوّل الفرتوسي إلى ( حمودي ) الذي كان مساعد والده والذي تولى أمور المغسل بعد وفاة والده، يعمل حمودي فترة من الزمن مع الفرتوسي. في أحد الأيام يُخطف حمودي وتبوء كل محاولات البحث عنه بالفشل. عاد الفرتوسي مرة ثانية وطلب من جواد مساعدته لتغسيل الموتى المجهولين، وافق جواد على مضض نظراً لسوء أحواله الاقتصادية.
اتخذ شكل الموت الطائفي ضروباً مروعة من التمثيل بالجثث والتنكيل بها وقد وصل الأمر بجواد انه احتار بكيفية غسل رأس مقطوع بلا جثة، وجسد مقطع غسلاً حسب طقوس الشرع الإسلامي.
يبدأ جواد بالتفكير في الرحيل، فيحزم أمتعته ويودع أمه ، ويمضي محاولاً العبور إلى الأردن، فيُمنع من الدخول إلى الأردن يحمل أمتعته ويعود إلى بغداد.
السمات الواقعية للرواية
إن أشخاص رواية “وحدها شجرة الرمان” لهم ماضياً وتاريخاً بأفکارهم وأنشطتهم ولاينبثقون من العدم ليختفوا من حيث أتوا فمواقفهم وأفعالهم وأفکارهم معلنة بواســطة الأشــخاص الآخرين أو الراوي ” جواد” الذي كان في طفولته مولعاً بالرسم وتجلّت موهبته عندما لفت نظر الأستاذ رائد الذي كان من خيرة أساتذة الرسم والذي قال له: “إيدك قوية وعندك موهبة” صفحة 49. وقد أتى الراوي على نقل قول للأستاذ رائد عن الفن والخلود “واصل حديثه عن الفن بشغف فقال إنه مرتبط بالخلود لأن الخلود هاجس إنساني عند الإنسان لأنه زائل ولذلك فيريد أن يترك أثراً في العالم قبل أن يموت” صفحة 46. وبذلك أصبح “الفن هو تحدّي الموت والزمن واحتفالاً بالحياة. قال إنّ أجدادنا في وادي الرافدين هم أوّل من طرح كل هذه الأسئلة في أساطيرهم وفي ملحمة كلكامش” صفحة 46. وهذا ماشجّع جواد على مواصلة هوايته، حيث شارك بإشراف وتشجيع الأستاذ رائد بمعرض في مدرسته. يقول الراوي جواد على لسان الأستاذ رائد:
“بيكاسو ، واحد من أعظم الفنانين في القرن العشرين يقول: كل طفل هو فنان ، المشكلة هي كيف يبقى الفنان طفلاً عندما يكبر ؟؟؟….”.صفحة 45.
رسم جواد وجه أبيه ووجه حمودي في المغيسل كما كان يملأ دفاتره بالرسم أثناء العطلة الصيفية. يكمل جواد دراسته الجامعية في أكاديمية الفنون( على الرغم من معارضة أبيه) ويتأثر كثيراً بأستاذه الجامعي عصام الذي استهل محاضرته الأولى عن تاريخ النحت بمقولة لفيثاغورس: إنّ “هناك موسيقى في الحجر” صفحة 61. كان جواد يحلم بالسفر إلى إيطاليا ودراسة فن الرسم هناك لكن القدر كان له بالمرصاد فلم يستطع تحقيق حلمه.
شعرنا بألفة العالم الذي يعرضه النص حيث أعطى الكاتب مسحة فنية لروايته فقد تعرّف أثناء أدائه للخدمة الإلزامية بباسم الذي كان من السماوة، وأصبحا صديقين مقرّبين، أخذه باسم بزيارة إلى بحيرة ساوة التي تقع في وسط الصحراء وترتفع خمسة أمتار عن كل ماحولها وكان مصدر مياهها باطن الأرض. استشهد باسم بعد قصف الأمريكان للوحدة التي كانا يؤديان فيها الخدمة الإلزامية.
يمتلك القارئ معلومات كثيرة فيما يتعلق بأشخاص يبدون ثانويين، ويتضح ذلك من خلال العم صبري
(الشيوعي) المرح والبشوش الذي هرب إلى بيروت إثر ملاحقة النظام الحاكم في بغداد للشيوعيين، وعندما نشبت الحرب الأهلية في لبنان رحل إلى اليمن ثم إلى ألمانيا حيث قبلوه كلاجئ، كان العم يرسل لأسرة أخيه مساعدات في التسعينات أثناء الحصار إبان الحرب العراقية الكويتية.
هــذه الرواية من الروايــات التي تعنى بطبائع أبطالها وبالمنــاخ الاجتماعي والروحي الــذي ينتمون إليه فقد
كان الأب “كاظم حسن ينتمي للطائفة الشيعية مؤمناً يحرص على أداء الصلاة يعمل مغسّلاً للموتى يواصل العمل في المغيسل من الصباح حتى المساء، وكان رجلاً مجداً دؤوباً مخلصاً لبيئته، وصورة منها، لا يشذ عنها في شيء، رغب في أن يرث ابنه جواد مهنة تغسيل الموتى عنه.وكان يهزأ دائماً من رغبة ابنه جواد احتراف الفن كمهنة.
وهذا ماذكره الكاتب في الرواية بلسان بطله وذلك ليوضّح لنا معاناة جواد في طفولته وشبابه بإقناع أبيه بجدوى دراسته في كلية الفنون:
“التاريخ صراع تماثيل ونصب يا أبي ، ولن يكون لي نصيب فيه لأنني لم أنحت شيئاً مهماً بعد” صفحة 143.
وأما أمير” أخو جواد ” فقد كان شاباً مثالياً تفوّق في دراسته الثانوية ثم درس الطب وكان يساعد أباه في عمله بالمغيسل أثناء دراسته الجامعية وكان يلعب كرة قدم مع أخيه في طفولتهما كما كان يدافع عن أخيه جواد ويقف معه شارحاً وجهة نظره إزاء انتقادات أبيه وأمه، وقد زار معرضاً تم إقامته في السنة الثانية في كلية الفنون ليشجع أخيه.
يثير الكاتب تعاطف القارئ حين يتكلّم عن “حمودي” الذي كان يعمل مع والد جواد في تغسيل الأموات، مات والد حمودي عندما كان في الثالثة من العمر، ترك الدراسة بعد الصف الرابع الثانوي ليساعد أمه وكان قد أعفي من الخدمة الإلزامية بسبب العرج في رجله اليمنى.
ألقى الراوي جواد بقعة ضوء على علاقة الحب التي ربطته بريم والتي تكللت بالخطوبة ثم أظلمت تلك البقعة عندما غادرت ريم العراق بدون ذكر الأسباب ثم أرسلت له رسالة تشرح فيها إصابتها بسرطان الثدي وبنيّتها الخضوع لعملية استئصال للثدي ولهذه الأسباب لن تعود إليه.
انعكست فترات اليأس والإحباط على نفسية الراوي جواد من جراء ممارسته لمهنة تغسيل الأموات وبسبب فراق حبيبته ريم بشكل كوابيس تراوده، منها عن المغيسل، والأموات، وتماثيل بيضاء لموتى ،والملائكة، وتماثيل جياكوميتي، وضباط يداهمون المغسل، ووالده المتوفي (صفحات: 34و39و108 و167و168و183و190و191 و 194و195و199 و226 و232و233):
“لكن وجه الرجل الميت ظل يتفرّس في تلك الليلة لكن بلا عينين، بمحجريه الخاويين فقط”. “كان وجه ذلك الرجل يغيب أحياناً لتحل محله وجوه موتى آخرين، محاجرهم خاوية أيضاً، لكنه كان دائماً يعود ويظل صامتاً يتفرس دون أن يغمض عينيه.وجه بلا جسد” صفحة 34. وكان هناك أيضاً كابوسين حول حبيبته ريم في الصفحات: 7و8و9 و167و172.
أحسست أنني مع جواد في مغسل الموتى أشم رائحة المسك والكافور وهذا مايدل على إبداع الكاتب في وصف مغسل الموتى على لسان الراوي جواد صفحة 24 و25:
“كان المكان أصغر بعض الشيء مما تخيلته منذ وقوفي أمام بابه مع أمي قبل ذلك بسنين طويلة. فاحت رائحة السدر والكافور وأحسست برطوبة الهواء تتسلل إلى جلدي”. “أول ما وقعت عليه عيناي بعد أن قطعنا الممر ودخلنا الغرفة الرئيسية كانت دكة المرمر التي يُغسل عليها الموتى والتي يرتفع طرفها الشمالي قليلاً، حيث يوضع الرأس، كي يسيل الماء وكيلا يتجمع”. “كانت الجدران والسقف مطلية بلون أبيض مائل إلى الصفرة، لكن الزمن والرطوبة كانا قد جعلا بعض المواضع، خصوصاً في السقف، تتقشر وتبدو كأوراق خريفية على وشك السقوط. “نظرتُ إلى اليمين فرأيت التوابيت التي يؤتى بها من الوقف وقد صفت في الزاوية”. “كان هناك حوض أبيض كبير تعلوه حنفية ماء نحاسية اللون اصطفت تحتها طاسات نحاسية وسرّاحية ودلاء وأجانات معدنية”. “إلى يمين الحوض كان هناك دولاب كبير بأبواب زجاجية عرفت فيما بعد أنه كان يحوي أكياس السدر والكافور والقمحة والأكفان والليف والقطن والصابون”. “على الجدار الغربي لوحة بإطار خشبي سميك خُط عليها (وكل نفس ذائقة الموت بالخط الديواني)”
كانت الإحالات التاريخية كثيرة في الرواية حيث حكى الراوي جواد عن تلقّيهم خبر استشهاد أخيه أمير في فترة الحرب العراقية الإيرانية صفحة 16و17:
“كنتُ في غرفتي في الطابق الثاني أقرأ عندما سمعت صوت سيارة تقف أمام البيت وأبواب تغلق ثم بعد ثوان من ذلك، رنين الجرس الجديد الذي كان أمير قد اشتراه وركّبه بنفسه عندما خرب الجرس القديم وتلكأتُ أنا في تصليحه. أزحت الستارة فرأيت سيارة أجرة وفوقها تابوت لف بعلم”. “عندما وصلت إلى باب البيت كانت أمي قد خرجت بالدشداشة دون أن ترتدي عباءتها ووقفت بجانب سيارة الأجرة تلطم وهي تنظر إلى التابوت وتصرخ : يبووو أموري … أموري … راح أموري … راح وليدي .. الله يرحمه والبقية بحياتك هو كل ما قاله العسكري الذي وقف يراقب المشهد بجانب الباب ثم طلب مني أن أوقع على وثيقة استلام الرفاة”.
تلا ذلك غزو الكويت صفحة91 و92:
“تذكرت كيف استعددنا لحرب 1991 وغلفنا شباك الحمام بالورق وبالشريط اللاصق من الخارج والداخل، كما نصحونا على التلفزيون على أساس أن ذلك سيحمينا من هجوم كيمياوي”. “بعد أسابيع من القصف استيقظنا ذات صباح لنجد السماء سوداء. كان دخان آبار الكويت المحترقة يغطي السماء. سقط مطر أسود بعدها بلل كل شيء بالسخام كأنه كان ينبئنا بما سيأتي”
ثم الغزو الأمريكي للعراق صفحة 96:
“كان الأمريكان قد احتلوا النجف كما سمعت على الراديو الليلة الماضية “
وأخيراً الحرب الطائفية حيث طغت مشاهد الانفجارات وأشلاء الموتى ودماءهم على المشهد العام للحرب.
الرمزية لشجرة الرمان:
وردت فاكهة الرمان في القرآن الكريم في عدة مواضع وهي من فواكه الجنة في قوله تعالى (فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ)«الرحمن_55».
أما في كتاب الرُّمان- تاريخ من الأساطير والحكايات المدهشة من تأليف: بيرند برونز ترجمة: د. سمر منير
فيرصد المؤلف، على سبيل المثال، إشارات مختلفة إلى ثمرة الرمان في الأساطير الفارسية، حيث يقال إن البطل الأسطوري «إسفنديار» أصبح لا يُقهر بعد أن تناول ثمرة من هذه الفاكهة. وتظهر ضمن أساطير الإغريق «هيستيا بولبيبوس» كواحدة من ربات الجمال لكنها اختارت أن تظل عذراء للأبد. وتبدو في لوحة حائط بيزنطية مدهشة تتحدر من القرن السادس الميلادي جالسة على العرش ويحيط بها ستة أطفال أبرياء ويقدم كل منهم لها ثمرة رمان كما كان شعرها به طوق ذهبي مثبت به ثمرتا رمان.
كان لشجرة الرمان دور أساسي في حياة شخصيات الرواية: جواد ووالده وحمودي. يقول الراوي جواد صفحة 254 و255و256 :
“الاحياء يموتون أو يسافرون والموتى دائما يجيئون. كنت أظن أن الحياة والموت عالمان منفصلان بينهما حدود واضحة لكنني الآن اعرف بأنهما متلاحمان ينحتان بعضهما البعض. الواحد يسقي الآخر كأسه. أبي كان يعرف هذا وشجرة الرمان تعرف هذا جيداً ” صفحة 256. في الرواية كان يفعل كما فعل أبوه قبله أي يقطع سعفاً من نخل او أغصاناً من شجرة الرمان الشاهدة على الأحزان لوضعها مع الموتى ينهي الراوي. جواد كلامه فيقول متحدثاً عن نفسه وكأنه يتماهى مع شجرة الرمان:
“أنا مثل شجرة الرمان. لكن كل أغصاني قطّعت وكسرت ودفنت مع جثث الموتى. أما قلبي فقد صار رمانة يابسة تنبض بالموت وتسقط مني كل لحظة في هاوية بلا قرار. لكن لا أحد يعرف.. لا أحد” صفحة 255. “عجيبة هذه الشجرة تشرب ماء الموت منذ عقود لكنها تظل تورق كل ربيع وتزهر وتثمر. ألهذا كان أبي يحبها كثيراً.. كان يقول بأن في كل رمانة حبة من حبات الجنة. لكن الجنة بل الجنات كلها دائماً هناك في مكان آخر والجحيم كله هنا ويكبر يوماً بعد يوم. جذور شجرة الرمان هذه مثلي هنا في أعماق الجحيم”. “ترتفع أغصانها وتبدو حين تداعبها الريح كأنها تحاول أن ترفرف لتطير لكنها شجرة قدرها أن تكون شجرة وأن تكون هنا.” صفحة 254
الخاتمة
اغتنت الرواية بعنصر التشويق، الذي طغى على أحداث الرّواية كاملة، وذلك من خلال أسلوب السّرد الرّوائي المتسلسل، والحوار الذّاتي، والحبكات المتعدّدة؛ حيث تجذب القارئ وتشدّه للنهاية كانت العاطفة متأجّجة يسودها الحزن والألم والمعاناة نظراً للحروب التي سادت المنطقة خلال تلك الحقبة الزّمنيّة حيث قضت الحرب على حلم جواد.
كما تخللت الرواية قصة حب مأساوية وقد قلّت عاطفة الفرح والسّرور، حتّى وإن ظهرت فهي نادرة جدّا، وفقاً لمتطلّبات الأحداث. ورد استنكار العنف والقتل كثيرا على لسان الراوي جواد، حيث يدلّ ذلك على مبنى شخصيّة الكاتب التي انعكست في روايته، حيث آمن بعدم استخدام العنف بأيّ شكل من الأشكال.
كما عبّرت الرواية عن وجود علاقة بين الإبداع والمعاناة هذه المتلازمة التي حملت محنة ومعاناة الراوي الشديدة في طياتها بروز وتألق ملكة أو قدرات غير عادية، تتسارع ضربات أفئدتنا مع تفاصيل هذه المتلازمة.
كان القالب الروائي كئيباً حيث استند على التذكير بالحروب والمآسي التي تعرّض لها شعب العراق ومانجم عنها من موت وخطف وانفجارات ودمار وخراب وفوضى وتجار حروب، واختيار الكاتب للحقبة الزّمنيّة المذكورة أعلاه من الزّمن البعيد، تشير إلى لجوء الكاتب لنبش الذّاكرة وسرد أحداث الماضي البعيد باستحضاره في الوقت الحالي، وبما يرافقه من كآبة وألم عند تذكّر المواقف المؤلمة، والتي لا حصر لها في الرواية.
كانت حبكة الرواية قوية، حياة وموت كوابيس ويقظة. احتلّت شجرة الرمان حيّزاً هاماً في ذاكرة الراوي فقد كانت تُسقى بماء تغسيل وتطهير أجساد الموتى في المغيسل الذي يملكه والد الراوي.
صوّر الراوي المغيسل ببراعة حيث ذكر الدكة التي يوضع عليها الميت والأجزاء البسيطة في الغرفة والمصطبة التي خُصصت لجلوس أقارب الميت والمنتظرين لإكمال الغُسل.
خلاصة القول: تعتبر رواية “وحدها شجرةالرمان” للروائي العراقي: سنان أنطون، رواية ذات قيمة عالية، حيث راعت معظم العناصر المطلوبة للرواية؛ وقدّمت تأريخاً هامًّاً عن العراق ووصفت بمنتهى الصدق والواقعية معاناة شعب العراق من الرعب والموت والحزن والكآبة في حقبة زمنيّة معيّنة، لقد حرّك الروائي الشّخصيّات ببراعة في المواقف المختلفة؛ إِنّ تمكّن الكاتب التّاريخي بتلك الحقبة الزمنيّة قد ساهم في إنجاح الرواية.
هنيئًا للروائي العراقي: سنان أنطون ، الذي ساهم في إغناء المكتبة العربيّة، بإبداع جديد، في حُلّة جديدة.