كتب د. حسن مدن ل صحيفة الخليج
علينا تخيّل عدد الأجيال التي رافقت مسيرة مجلة فنية عريقة مثل «الكواكب»، حين نعلم أنه مضى تسعون عاماً على صدورها في العام 1932. صحيح أن الاهتمام بهذا النوع من المجلات تناقص مع مرور الوقت، لكن كانت هناك حقب زمنية كانت الأيادي تتقاذف فيها «الكواكب» وما شاكلها من مجلات فنية، كانت تعنى بنشر أخبار الفنانين، وجديدهم من أغانٍ وأفلام وأنشطة، ف«الكواكب» مثلاً اعتنت بنشر ملخصات لأفلام الأسبوع، وأحاديث مع النجوم، ومتابعة لكواليس ما يجري تصويره من أفلام، في أزمنة عرفت نهضة فنية كبيرة في مصر، كانت لها أصداؤها القوية في بقية البلدان العربية.
كان الصحفي اللبناني جورج زيدان، مؤسس دار الهلال، هو من أشرف على هذه المجلة، التي تعاقب على رئاسة تحريرها، لاحقاً، عدد من الأسماء الصحفية بينهم فهيم نجيب ومجدي فهمي ورجاء النقاش وراجي عنايت وحسن إمام عمر وكمال النجمي وحسن شاه ومحمود سعد، وغيرهم، وما هو متيسر من معلومات على الشبكة العنقودية يفيد بأن «الكواكب» لها دور مشهود في تبني المواهب الشابة، وأثارت على صفحاتها عدداً من القضايا المهمة، بينها تبني دعوة الفنان زكي طليمات لإنشاء معهد التمثيل، والتحاق الفتيات للدراسة به.
هناك مجلة يمكن وصفها ب«النظيرة» ل«الكواكب» صدرت في بيروت، هي مجلة «الموعد»، مع أن الفارق بين صدور المجلتين يقارب العقدين من الزمن، ف«الموعد» لم تصدر إلا في العام 1953، وأصبح لها، بمرور الوقت، صيتٌ يكاد يضاهي ذاك الذي كان ل«الكواكب»، ويقال إن السيدة أم كلثوم هي من أقنعت صاحبها محمد بديع سربيه بأن يحولها إلى أسبوعية بعد أن كانت تصدر مرة كل أسبوعين، وعلى ذمة «ويكبيديا» فإن «الموعد» هي صاحبة الفضل في إطلاق الألقاب التي اشتهر بها عدد من الفنانين: «العندليب» على عبد الحليم حافظ، «السندريلا» على سعاد حسني، «سيدة الشاشة العربية» على فاتن حمامة، و«موسيقار الأجيال» على محمد عبد الوهاب.
لا نعلم شيئاً عن مصير «الموعد»، لكن «الكواكب» ودّعت قراءها بعد العقود التسعة التي عاشتها، حيث قررت الهيئة الوطنية للصحافة في مصر قبل أيام إيقاف صدور «الكواكب» الورقية 1932 ودمجها مع مجلة «طبيبك الخاص» في مجلة «حواء» التي تصدر عن «دار الهلال» مع إنشاء موقع إلكتروني لكل إصدار.وجيهةٌ هي الأسباب التي ساقتها الجهة المعنية لاتخاذ هذا القرار مع تعثر الصحافة الورقية، وارتفاع تكاليف الطباعة، لكن من الطبيعي أن يثير قرار مثل هذا عاصفة من الحنين إلى زمن جميل بات قصيّاً عنا اليوم، فارتفعت أصوات النقاد، قبل القراء، معبرة عن الأسى من أن لا «كواكب» بعد اليوم.