سهاد شمس الدين
مدينتي اليوم تستحمّ بعرق المتعبين
والبحر ثائرٌ أمام قلاعٍ من طين
وأنا أسير على ناصية شارعِ فرح
بوجوه العابرين
وكأن لا شيء يحدث في الخفاء
لا صراخ لا وجع ولا أنين
وكُثُر من العشاق
يلتهمون نعاسهم وانتظار السنين
لربما لم يحن الوقت لحفلة نار
أو لرقصة على ألحان ناي حزين
وأنا في طريقي
أخبّئُ وجهي من مدينتي
لم أعد اعرفها
ولم تعد تعرفني
لقد كثُرَ الرمل وكثُر الملح
ولم يعُد بيننا ما كان
لا فنجان قهوة على حافة نافذة
تحفظ وجوه الغائبين
ولا رائحة لأناس يرسمون الحلم
لوطن شاهق الجبين
كل شيءٍ تغيّر في مدينتي
وجهها…ثوبها…نعاسها
خطواتها الثكلى
على تراب أتعبَهُ الحنين
ومع هذا
تبتسم مدينتي في وجه العابرين
وكلَ صباحٍ تستحم بعرق المُتعبين
وأنا أخبّئ وجهي من مدينتي
لقد نسيت أن أحضِر لها معي اليوم
شال الحرير
وخاتم اللازورد
وعطر الياسمين