هذا الجيل!!!…
يلتهم الإجرام مع “البيتزا” التي ولدت في بلد المافيا.
انعدمت مروءته لشراهته في ابتلاع دوائر “هامبرغر”، مصدرها شعب مستعد لشنّ حرب كونيّة بسبب الحفاظ على نمط حياته.
كان الزمن جميلاً!!!
البرغل بالبندورة زُرعت حبوب قمحه بالآلام، وجمعت وسلقت وجرشت بالفرح وعرق الجبين. أصداء صوت الجرن مرتين في السنة على الأكثر تردّدت في الوديان، تنادي السّامعين لتذوق كبّة شهية، مضاف إليها ألذّ التوابل، وزيت الزيتون الخضير، التي التقطت حبوبه حبّة حبّة، وفاحت رائحتها من المعصرة عند درسها في أنوف لم تشم سوى الآباء والمحبّة بالمحابرة*. الكشك وطعمه اللذيذ فالطعم لا يأتي من الهوان، أيام وأيام من الصناعة اليدويّة المتقنة، البلّ وحفلات الكسر والفرك في عزّ شمس الصيف، من خلال اجتماعات النسوة (ركوة قهوة رايحة وركوة جايي) والحديث عن طرق الطبخ وإدارة المنازل وتدبير العرسان، مما كان يزيد الألفة ألفة والمحبة إتّقان.
الرشتا بعجين مصدر عدسه أرضنا الطيّبة، التي نقبتها السواعد السمراء المفتولة المعتادة على الرجولة والمبارزة في المراجل و(القيمات).
المجدرة اللذيذة مع البصل السلموني الطويل، الذي إن دلّ يدلّ على جهد في الزراعة واعتناء في المحاصيل، كأنما يزرعون روحاً وينتجون عافية.
كانت التبّولة تبّولة، بقدونس وبصل أخضر ونعناع وخسّ من دوارة لم تمسّها الأسمدة الكيماوية، إنما كانت تنمو على سواد الماعز، الذي يقتات من العشب البرّي وورق السّنديان فقط. الحامض الدائم في جميع أيام السنة وخصوصًا في الجبال البعيدة عن بساتين الحمضيات كان حامض الحصرم، نكهة مميّزة مع السلطات وجميع المآكل.
العيد في العيد، عندما كان يزورنا الديك البلدي المحشي بالارز وحبّات صنوبرة جوية قرب المنزل، مطبوخًا في قدر استعار سواده الخارجي من الموقد ولونه الداخلي من النحاس. هذا كلّه، ومآكل بلدية كثيرة لا تتسع لها مجلّدات حلّ محلّه “formule” المطعم في أيامنا هذه، مختصرًا الجمعة الحلوة في التحضير والحضور الشّعري المميز في المنادمة التي تغذي الألفة، سارقًا البساطة التي تنتج الجمال.
*المحابرة: الاستعانة بالجميع في جمع المحاصيل وخصوصًا الذين تتجاور حقولهم).
٩ آذار ٢٠١٩