الأدب الشعبي لقبيلة مزغوم في الكاميرون هو شفهي مليء بالغرائب والعجائب ويحتاج إلى من ينقله إلى اللغة المكتوبة ليستفيد منها الجميع، فهو أدب خصب فيه حكم وأمثال وقصص وحكايات طريفة وفكاهات والشعر الشعبي والمسرحيات والروايات والأساطير الشفهية الخ.
وهنا نذكر نماذج من حكايات الشعبية لقبيلة مزغوم بعنوان: الولد الذكي وضبعانة .
كان هناك عدد من الأولاد وهم سبعة تقريبا يذهب أبوهم ليصطاد في غابات إفريقيا وفي يوم من الأيام غاب أبوهم لمدة زمنية طويلة ثم طلب أولاده من أمهاتهم أن تعطيهم آلات الصيد التي كانت يصيد بها أباهم في الغابة وأعطتهم أمهاتهم تلك الآلات، فذهبوا للصيد وكان أبوهم ترك إحدى زوجاته حاملا وبعد ذهاب الأولاد للصيد بزمن يسير، شعرت المرأة الحامل بألم تحت ظفرها، وأخذت الشوك لتخرج تلك الشوك الذي يؤلمها في ظفرها، ثم شاكت طفلا ، فخرج منها ذلك الطفل وسمي (بنيك) وهو آخر أولاد أبيه، ثم سأل الولد أمه عن آلات الصيد التي تركها أبوه حتى يلتحق بإخوته الذين ذهبوا للصيد قبل بزم يسير، فسلمت له أمه تلك الآلات، فتبع إخوته حتى أدركهم قالوا من أنت؟ فأجابهم أنا أخوكم(بنيك) فنكروه
فقالوا: لا نعرفك فما زالوا ينكرونه حتى أدركتهم الليل فصاروا يبحثون عن مأوى حتى إذا أصبح الصبح يستأنفون الصيد، فوجدوا دارا فدخلوه فلا يدرون أنها دار أم عامر ، فرحبت بهم أم عامر فأضافتهم في غرفة بها زريبة الأغنام، ولما جن الليل استيقظت أم عامر تحدد شفرة السكين لتذبحهم جميعا باعتبارهم فريسة سهلة أدركتها في بيتها، فسمع الولد الذكي صوت تحديد الشفرة، وقال الولد الذكي لأم عامر ماذا تصنعين يا أم عامر؟ فأجابته أحدد شفرة السكين لأقطع شيئا من مجداف القوارب حتى أصنع به قصبة التدخين، وكان جوابها عكس ما تنويه، وعلم الولد الذكي أن أم عامر تحدد الشفرة لتذبحهم في منامهم، وبدأ يحفر تحت جدران الغرفة ليهرب بإخوته إلى أماكن النائية، لأنه لا يأمن الضبع، وكلما سمعت أما عمر صوت الحفر انتبهت قليلا، وسألت من بعيد من خلال غرتها المجاورة لزريبة الأغنام من يحفر جدران الغرفة؟ فيجيب الولد يا أم عامر إن خروفك يدفعني بقرنيه، ويقول ذلك تحايلا من أم عامر حتى يتمكن من الفرار مع إخوته خارج الغرفة لينجو من فخ أم القبور
فتقول له أم عامر إذا اضربه واستمر عن مدافعة نفسك، ويعود الولد الذكي للحفر وفي النهاية قض الغرفة وحمل الولد الذكي جميع إخوته خارج غرفة الاستضافة وهي زريبة الأغنام ولم يترك في تلك الغرفة إلا بنت أم عامر التي تتسمى ب(كسكوري) ووضع الولد الذكي بدل إخوانه الثلاثة جذوع الأشجار المرة كالصبر أماكن منامهم، ولما انتصف الليل وسكنت أصوات الأولاد،
قامت أم عامر من منامها فحملت معها السكين، متجهة إلى الزريبة ، ودخلت الغرفة ، فقالت أين هذا المزعج التي لا ينام في أول الليل إلا في هذه اللحظة، فذبحت أحد جذوع الشجرة المرة، بسكينها الحاد ظنت أنه أحد ضيوفها، فذاقت شفرة السكين فوجدتها مرة، فقالت ما أمر من هذا الضيف قد قضى وقتا طويلا في الشمس حتى صار دمه مرا، ثم ذبحت الثاني ثم الثالث وقالت مثل ما قالت في الأول، وذبحت الرابعة والأخيرة، فلا تدري أنها ابنتها ” كسكوري” فلما ذبحتها وذاقت شقرة السكين فقالت إنها لمليحة الدم، فكان الولد الذكي مختفيا وراء الباب ينظر إليها ويسمع ما تقولها.
فأجابها الولد الذكي يا أم عامر إن التي ذبحتها أخيرا هي ابنتك (كسكوري) فهاجت الولد الذكي وغضبت غضبا شديدا، فأخذت العصى تحاول ضرب الولد الذكي فلا تصبه لسرعة تنقله من مكان إلى مكان، وباتت أم عامر تحاول ضرب الولد الذكي بالعصا في ليل ذات ظلام دامس تحاول ضربه فلا تجده لشدة ظلام الغابات الملتوية، فكلما استهدفته فلا تصيبه، ويقول لها الولد الذكي، لم تصبن يا أم عامر اضربيني ها أنا بقرب الباب فتضرب أم عامر ضربة وهمية بقرب الباب لشدة الظلام فلم تصبه حتى خرج الولد الذكي مع إخوته وعادوا إلى أهلهم سالمين من فخ أم عامر.
هذا الولد الذكي يضرب به المثل في الذكاء في أوساط قبيلة مزغوم حتى في الأحيان يلقبون الولد الذكي ب”بنيك”