واسيني الأعرج
حبّي لك لم يكن عبثا
حبيبي. هبل ما مضى والآتي من الأيام. أدرك اليوم وأنت منطفيء في صلوات الغيب، أنك كنتَ على حق وأنك اتّٓبعتَ خطى القلب، فقادك نحو الجرح. كنتُ كلما كلمتك على حرائق الخوف والشجر والوجوه، قلتٓ لي: يبدو أن الله تخلى عنا. سألتك مثل طفلة تبحث عن إجابة على مقاسها: الله ليس مزاجا. سلطان النور والخير. تمتمت َمثل هارب من غموض يسكنه وشهوة مستكينة: الله ليس مزاجا، لكنه عاصفة. لا أفهمك جيدا، لكني أدع أسئلتي تركض نحوك: ماذا فعلنا حبيبي لتأكلنا هذه النار؟ نحن أيضا نحب الناس والاديان الأخرى والوجوه التي لا تُشبهنا. تهرب بنظراتك بعيدا، وتشيح بوجهك عن الشمس التي لم تشرق إلا قليلا ثم غابت قبل أن ينتبه لها عابرو السبيل والمارة: يا قلبي المتعب من شطط ما رأى وسيرى. أنتِ أيضا لم تأمني من النسبان. كنا في زمن قريب، كلما اخطأتنا قسوة الأقدار، تحصنا للقادمة. لا توجد لحظة فينا خارج قلق الموت والصدفة. كنا نبكي العصفور والشجر المحروق والأرض الميتة والزهرة الذبيحة. كنا لا نأكل إلا اذا سقينا الصفصافة التي تظللنا والنبتة التي تطعمنا والريح التي تحرسنا. ثم مضى علينا زمن رأينا أحبابنا يموتون تحت النار، فبكينا وانتقمنا لهم من وحدة اليتم وجفاف السحاب وغربان الشوارع الميتة. ثم تكاثر فجأة أمواتنا حتى أصبحوا بلا عدٌ، فبكينا قليلا على بعضهم، وتركنا الباقي تبكيه أمطار الصيف، ورياح الشمال، وملائكة الله إن وجدت بعض الوقت لهزائمنا. فجأة عندما أصبح الموت يكبر بتوقيت النسيان، اكتفينا بالشجب والغضب، ثم مات الغضب أيضا وأصبح الاموات يدفنون في الليل بلا دم ولا أناشيد. نرى الموت على الشاشات فتستهوينا المشاركة في اللعبة على مدار الوقت وفي القارات جمبعا. وننسى أن الدم الذي نهرقه بلا حساب على الشاشات دمنا وأن الميت نحن. أدرك اليوم حبيبي وأنت أسير تاريخ أصبحتَ تشتاق له، أنك كنتَ على حق، وأن حبي لك لم يكن عبثا
- جلال برجس ينتهي من كتابة رواية جديدة
- لأنه أخي رواية قصيرة جداً بقلم: عـادل عطيـة ـ مصر
- مدام بوفاري لجوستاف فلوبير
- سلسلة مقتطفات من رواية ثلج وياسمين للكاتبة منى نور الدين (1)
- “مقامرة على شرف الليدي ميتسي”… من الرواية الى السينما
تعليقات 1