في لهجاتنا العربية، أو في بعضها، وفي تعبير عن التبرم أو الضيق من أحد، أو من شيء، نقول: «كَبس على نفَسي»، أو «كابس على نفَسي»، أي إنه خانق لي، فلا أكاد أتنفس. ووفق تفسير المعاجم فإننا عندما نقول: كبس على فلان، نعني أنه هجم عليه، ونقول أيضاً: كبس الزر، أي ضغط عليه، فضلاً عن استخدامات لغوية أخرى لهذه المفردة، التي منها اشتق تعبير السنة الكبيسة، والتي نعيش إحداها هذا العام، وهي السنة الشمسية التي يُضاف فيها يوم إلى شهر فبراير كلّ أربع سنين؛ فيصبح تسعة وعشرين يوماً، فيما تبقى أيام الشهر في السنوات الثلاث الأخرى ثمانية وعشرين يوماً، وتعرف بالسنوات البسيطة، تمييزاً لها عن الكبيسة. الأولى هي التي لا تقبل القسمة على أربعة، والثانية هي العكس.
مردّ هذا التقسيم آت من أن الأرض تستغرق 365 يوماً وربع اليوم، لإتمام دورتها حول الشمس، فكان لا بد من جمع هذه الأرباع، لتصبح يوماً كاملاً، وإضافة اليوم على السنة الرابعة كي يتناسب التقويم مع الدورة الفلكية. واختلف الناس في أي خانة يضعون من صادف أن ولدوا في هذا اليوم بالذات، أهم محظوظون لأنهم نالوا امتيازاً لا يناله غالبية الناس؟، أم تراهم في الخانة الأخرى، خانة قليلي الحظ، فإذا كان بوسع الغالبية الساحقة الاحتفال بعيد ميلادهم كل سنة، فإن مواليد السنة الكبيسة عليهم الانتظار أربع سنوات، ليحتفلوا بهذه المناسبة، لأن يوم ميلادهم يختفي من التقويم ثلاث سنوات.
يقدّر عدد هؤلاء، حسب بعض التقارير التي نشرت بمناسبة مرور هذا اليوم، أمس، بنحو خمسة ملايين شخص حول العالم، يبدو أنهم خُصّوا بنوعٍ من التكريم على شكل كرنفالات ومهرجانات وطقوس مبهجة، واستقرّت التقاليد في بعض البلدان على أن يكون 29 فبراير، اليوم الذي يحق فيه للنساء التقدّم للرجال بطلب الزواج، ويقال إن هناك تقليداً في إسكتلندا يلزم الرجل الذي يرفض العرض في هذا اليوم بدفع غرامة!، وتوصف مدينة أنتوني الأمريكية، على حدود تكساس- نيو مكسيكو، بأنها «عاصمة السنة الكبيسة في العالم»، حيث تستضيف مهرجاناً كل سنة كبيسة يستمر عدة أيام.
لا يمكن للمنجمين وقارئي الأبراج أن يوفروا يوماً مثل هذا، دون أن يدلوا بدلوهم حوله، فزعموا أن مواليد 29 فبراير الذين ينتمون إلى برج الحوت، يُعرفون بالإخلاص لأصدقائهم وعائلاتهم، وبوقوفهم إلى جانبهم في الأوقات الصعبة، وإن شئت «فصدّق أو لا تصدق» فإنهم يعشقون المغامرات، ويحرصون على خوضها ويقدرون البساطة في كل شيء.
في بلدان أخرى يُقرن هذا اليوم بالحظ السيئ. الألمان مثلاً، ومنذ القدم، يقولون: «السنة الكبيسة هي سنة باردة».