ليلى علي احمد
تقف امام المرآة صباحا ،تتحسس وجهها الغض ،وتسرح شعرا لم يتحرر منذ استشهاده لتجمعه ثانية في شريطة سوداء
على الشرفة وامام فنجاني قهوة تجلس
أأعجبتك القهوة ؟؟( تخاطب صورته)
لقد اشعلت شمعتنا الأولى ليلة أمس ،اليك فيروز
سأقلب الفنجان (تقول ضاحكة )
تحاكي دروب البن المشاكس على جدار الفنجان
تستجمع قواها ، تقبل الصورة وتخرج مسرعة
تمر في الطريق الى دكان الحي والى الصيدلية تبتاع بعض الاغراض والمواد الطبية ،وتمضي الى تلك الغرفة الصغيرة المركونة في طرف الشارع في بيت لا يرقى الى اسمه
في زاوية المكان سرير رث متهالك ينوء بجسد اقعدته شظية استقرت في القطن
كيف حالك اليوم …محمود ؟
تضع يدها تحت ظهره وبحركة مرنة .ترفع جذعه ،تمسح على رأسه بحنان وتصلح شعره المشعث
يرمقها بامتنان وتفتر شفتاه عن ابتسامة
تدفعه الى طرف السرير ملقية قدميه نحو الارض وبمنتهى الحذر وبقوة الحب تحضنه وتنقله الى الكرسي المتحرك
يبتسم شاكرا بينما هي تغسل وجهه وتمسح قدميه المتورمتين
يرفع كفه ليتلمس شعرها المنسدل ويعيدها مترددا
يارب …كل هذا الجمال والانوثة امام عجزه
(لنتناول طعام الفطور ) قالت
لم يبد اهتماما فقد كان نظره مسمرا على شاشة التلفاز
مازالت رحى الحرب دائرة
ينظر اليها بتودد (كيف لي ان اوفيك )؟؟؟؟
عند العصر تعود ادراجها ،تمر بمقبرة الشهداء
تتلمس الشاهدة وتسقي اصيص الزهر الذي زرعه محمود ،مازالت بقايا العلم تتناثر بفعل الريح والشمس
تحثو على ركبتيها وتعانق طرف القبر قائلة
إن محمود مصاب وهو بحاجتي ،اود ان اكون رفيقته فيما تبقى له من هذه الحياة.( أموافق)؟؟؟؟؟
صمت يسود ،تهب نسمة تزيل السكون ،تلملم وريقات رياحين المكان الجافة وتجمعها في طرف ثوبها
لعلها إشارة موافقته
في اليوم التالي يشاهدها الجيران تقود كرسيا متحركا الى الحديقة التي تزينت بنصب تذكاري حمل اسماء شهداء البلدة وصورهم
..ما رأيك يا عزيزتي بصورة تذكارية لنا نحن الثلاثة ؟؟؟؟
تحتضن النصب بيد والكرسي المتحرك بيد
كانت صورة ملحمة حياة
فهي الإنسانة