كلما تعمقتْ في مشهد كارون، ازدادتْ آهاتها، بدأتْ الريحُ تهب، وضعَتْ يديها على حاجبيها ونظرَتْ إلى السماء وسحبها المتناثرة في الأفق، نورس يحلّق بعيدًا، شعرتْ بأن الحرية تتسرب إلى قلبها من ذلك النورس الذي يرفرفُ حرًا طليقًا في السماء الزرقاء. النورس يهبط على سطح النهر ثم يحلق إلى نقطة بعيدة ويغيب في زرقة السماء. نسمة لطيفة عليلة تداعب بشرتها وشعرها، أغمضت عينيها، فاستنشقت الهواء الطلق ثم فتحتهما. نورس هبط على سطح النهر، وبدأ يرفرف هنيهة فوق المياه ثم حلق وغاب في السماء. كارون “ذلك النهر المسور بتعويذات أمهاتنا” بدأ يتدفق. قدّحَتْ نظراتها إليه، كان بوسعها أن ترى رقص أمواجه، كأنَّ ذلك النورس حينما لمس المياه بجناحيه، غنى أغنية النصر للنهر وقامت الأمواج بالرقص فرحًا وسرورًا. كانت الشمس تميل نحو المغيب وبدأتْ تتأمل منظر الغروب بإمعان. الشمس أسدلت ستائرها عازمة على الرحيل ولكنها تعود لتبسط خيوطها على وجه النهر لترسم منظرًا جميلًا من جديد في يوم جديد.