يوسف طراد للنهار
لا غلوً في عنوان ديوان “عابر الدهشة” لندى الحاج، الصادر ضمن “منشورات المتوسط”. لأنّه عند القراءة تمتلك الدهشة القارئ، وما دام القارئ مدهوشًا، فهو في وضع العبور الّذي لا ينتهي. نعم، وإن أنهى الديوان قراءة، فلا يستطيع أن يخرج من دوائر الزمن التّي وضعته فيها الشاعرة
هل الآذان أصغت لألسن الكلمات، أو أنّ صورة السماء انعكست على جدار حلم وارتسمت على صفحات الديوان؟ ولماذا اختار القدر الشاعرة وريثة لحكايا الحبر؟ فناورت كثيرًا في ساحات عشق كانت الأوردة فيها رماحًا، وأطلقت اسمًا على كلّ جرحٍ عند سرِّ معموديّة الحبّ، فإن أنكر الجرح اسمه لا يستطيع أن ينكر معموديته. لكنّ انعتاق القلب من كدمته عبور للأسمى، وكيف ينسى هذا القلب رمحًا جرحه؟: “أن تُسمِّي جروحك، وتنعتق منها اسمًا اسمًا، حرفًا حرفًا…” (صفحة 7). فيا أيّها العنصريُّ الهوى، كيف تُفاضِلُ بين الجراح؟
تركت الشاعرة فسحة للرقص على حفافي الحقول، فكيف لراعٍ أن ينظر خلفه خشية من ذئبٍ، إذا كان القطيع سائرًا إلى صواب الكلام لحنًا؟: “حروفٌ من ذهب، يسوقها الراعي بالناي إلى أعلى الجبل” (صفحة 10). انفتنت بشهاب سارح راوده صمت السماء منذ بريقه الأوّل. فالفضاء نقي، يمسح بأهداب الروح غبار النجوم كلّ دهرٍ: “هنا من هذا الكوكب، حلَّقت روحي إليك/ وتصاعدت مجرّاتها نحوك…” (صفحة 11)
لا تخافي… إنّها مجرد مصابيح شحّ فيها زيت الانتظار، فالعذارى الخمس الباقيات زيتهنّ ضياء، لهذا ارتفعن بالحبّ إلى مشتهاهنّ الأزليّ في السماء، ولأنّكِ تأبّطتِ الرجاء الباسم من صفحات الديوان، مشيتِ كالثواب المرتجى نحو فرحٍ موعودٍ: “في الوتد مشكاة/ في المشكاة زيت/ في الزيت نقطة تصلني بالأكوان الذائبة فيك”. (صفحة 12)
إنّها لذّة المكان، إذ يفتح الحبُّ ذراعيه لغنج العشق الّذي يختال دلالًا وحياء في أوردة الحياة. وتشرق الأرض بنور الحبيب، ويرتوي رحم التراب، فيزهر صوتًا من سجودٍ: “لا ازال أصدّق أن الحبّ ساجدٌ فاتحٌ ذراعيه” (صفحة 16). كم ترتاب أفكار من عبور طيف ساحر، ويرسم على الجبين واحات عشق لا تنضب سواقيها، فوشاح الحبّ ينسكب مع المطر فاكهة من مآقي الينابيع: “لنقطف الثمار من أفواه الينابيع” (صفحة 30)
طروب الجمال على قيثارة النغمات ابتهالات إلهيّة، تغرّد النبضات إيقاع فرح اللقاء، على سُرر القلب السعيد، فقد ارتوت ضفاف الروح، وارتعشت نهى الإيمان بسلاسة وحنين: “رفقًا! اُحرُصْ على دقَّاتكَ الثمينة/ ولا تُفرِّطْ بها/ خالقك يُحصيها، ويختارها له قيثارة”. (صفحة 52)
كلّ فراغٍ لا يملؤه عشقٌ، ليس يقظة جمال. فارتفعْ لتُحبّ بقلب الربّ، وهل للربّ أعداء من الشعراء؟ أبشر لأنّ حجم العشق يضاعف الفرح في قلب الله: “الحبّ ما هو إلّا صوت الله يهدر في أعماقنا، كي نستفيق”. (صفحة 86)
ديوانٌ وصف قلبًا ومحبّة، فكان ثمرة إيمان كزهو أرجوان الفينيق. هنأت القلوب فيه كرويّ الشطآن، فكاتبته لم تيأس مشقّة أو عوثاء طريق، فبوحها فرح يعانق السماء شدو ألحان و”تزوّج الطير السماء”
غرفة 19
- سأشتري حلمًا بلا ثقوب- قراءة بقلم أ. نهى عاصم
- الأدب الرقمي: أدب جديد أم أسلوب عرض؟- مستقبل النقد الأدبي الرقمي
- “أيتها المرآة على الحائط، من الأذكى في العالم؟”
- كتاب من اكثر الكتب تأثيراً في الأدب العربي والعالمي تحليل نقدي لكتاب- “النبي” لجبران خليل جبران
- فيروز امرأة كونيّة من لبنان -بقلم : وفيقة فخرالدّين غانم
- سلطة الدجاج بالعسل والخردل