مقدم لمشروع محو الأمية البصرية“.”
د. عبير سالم الدسوقى
مدرس بقسم الإعلان بكلية الفنون التطبيقية
جامعة 6 أكتوبر 2021
تعتبر محو الأمية البصرية القاعدة الأساسية والمنطقية والتطور الطبيعي للوصول بالمتلقي إلى مستوي الثقافة البصرية، والتي يقف عندها قادراً على القراءة والفهم والتواصل البصري وتفسير المعني لجميع معطيات الحياة التي يتعامل معها بصرياً خاصة الصور والرسوم بكافة أشكالها وأنواعها المختلفة بداية من البصريات ثنائية الأبعاد مروراً بالبصريات ثلاثية الأبعاد وصولاً إلى البصريات ثلاثية الأبعاد ومتضمنة الحركة والصوت …… إلخ من أنواع البصريات المختلفة.
وبالتالي بالمفهوم السابق تعتبر محو الأمية البصرية حق لكل إنسان وإحدى مهارات القرن الحادي والعشرين والتي تعمل على تمكين الأفراد من التعامل مع معطيات العصر الرقمي والذي يتطلب إجادة مهارات محو الأمية البصرية المختلفة للتعامل مع المعطيات الرقمية المستحدثة.

شكل يوضح العلاقة بين الثقافة البصرية واللفظية وتأثيرها على المجتمع.
وهذا وتعتبر عملية اكتساب مهارات محو الأمية البصرية عملية تراكمية للوصول بالفرد إلى أن يصبح مثقفاً بصرياً، ويتطلب ذلك الممارسة الذاتية لتك المهارات في الحياة اليومية، والتي يمكن أن يكتسبها من خلال الجهود الذاتية. بهذا المنطق يمكن أن يكتسب الأفراد مهارات محو الأمية من خلال الممارسات اليومية في مجالات العمل ذات الصلة بمجالات التواصل البصري المختلفة، وكذلك من خلال الممارسات الحياتية.
وبالتالي فإن نسبة كبيرة من الأفراد لا يصلون إلى مستوي الثقافة البصرية بحكم طبيعة عملهم ووعيهم وثقافتهم العامة وما يقود إلى فكرة أن محو الأمية البصرية باعتبارها مجموعة من المهارات التي يمكن اكتسابها والتدريب عليها من خلال الممارسة، ويمكن إدراجها كمقررات تعليمية في المرحل الدراسية المختلفة بالتصور التالي:
أولاً: أن تُدرج كمواد دراسية منفصلة، في المراحل الدراسية المختلفة بداية من مرحلة التعليم الأساسي وصولاً بالمستوي الجامعي خاصة بكليات الفنون المختلفة، مع ضرورة مراعاة التدرج في المستوي العلمي والمحتوي المقدم وفقاً للفئات المستهدفة، وكذلك وفقاً لمستويات محو الأمية البصرية المختلفة والتي تتضمن أكثر من مستوي واحد من المهارة، وأن تتضمن هذه المواد الدراسية مبادئ ومهارات محو الأمية البصرية وخطوط العمل الاسترشادية لكيفية اكتساب هذه المهارات وتنميتها لدي الطلاب.
ثانياً: أن يتم تصميم المقررات التعلمية أيضاً بشكل بصري (يغلب عليها الطابع البصري)، بمعني أن تعتمد على الصور والرسوم التوضيحية وتبسيط المعلومات في رسوم بيانية وأشكال تخطيطية والإنفرجرافيك وخرائط …….إلخ من أشكال التواصل البصري (النصوص البصرية) داخل المقررات التعليمية بشكل أكبر في مقابل النصوص الكتابية.
ثالثاً: وضع منهجيات واستراتيجيات علمية للتدريس تضمن وتتيح التعرض المستمر للطلاب أثناء العملية التعليمية داخل الفصل الدراسي للعروض البصرية المختلفة كعروض الفيديو والأفلام والرسوم المتحركة والعروض البصرية الرسومية والتي تثري العملية التعليمية وتعمل على إكتسابهم لمهارات محو الأمية البصرية أثناء العملية التعليمية داخل الفصل الدراسي، والتي يتم من خلالها التعلم البصري Visual learning والتفكير البصري Visual Thinking والاتصال البصري Visual Communication وهي الأضلاع الثلاثة لمحو الأمية البصرية.



ونظراً لأن اكتساب مهارات محو الأمية البصرية، هو تأثير تراكمي للوصول بالفرد إلى مرحلة الثقافة البصرية والذي قد يستغرق سنوات من عمر الإنسان، نجد أن بناء وإعداد الأفراد بصرياً يتطلب التفكير فيه منذ المراحل الأولي في عمر الإنسان وهي مرحلة الطفولة كمرحلة أساسية لتأصيل الوعي البصري لدي الطفل وإعادة النظر في الكيفية التي يمكن بها تضمين مفهوم ومهارات محو الأمية البصرية بالمناهج التعليمية المقدمة إليه وذلك من خلال الاستراتيجيات التالية والتي يمكن تفعيلها بالتوازي وهي:
1- تصميم مقرر دراسي منفصل خاص بالطفل يتضمن تدريس ومبادئ ومهارات محو الأمية البصرية.
2- تصميم المقررات والمناهج الدراسية بصرياً بناءاً على مفهوم محو الأمية البصرية وما يتطلبه من مهارات بصرية بمعني وضع مفهوم محو الأمية البصرية بمتطلباتها في الاعتبار عند تصميم المقررات والمناهج الدراسية المقدمة للطفل.
3- أن يعتمد تصميم أي منهج دراسي مقدم للطفل ليرتقي به وينمي مهارته البصرية سواءاً كان هذا المنهج مصمم بشكل بصري لإحدي المواد الدراسية أو منهج معدد خصيصاً لتدريس مبادئ ومهارات محو الأمية البصرية والتدريب عليها، على الأركان الثلاثة السابقة لمحو الأمية البصرية مجتمعة وهي: التعلم البصري، التفكيري البصري، والاتصال البصري.
وبالتالي تأتي النقاط التالية كتصور مقترح لآلية تأهيل الطفل وتنمية قدراته البصرية من خلال المحتوي العلمي المقدم إليه في مرحلة التعليم الأساسي (محو الأمية البصرية للطفل) كالتالي:
1- أن تتضمن المناهج الدراسية المقدمة للطفل العناصر السابقة للمحتوي البصري من صور ورسوم وأفلام توضيحية ورسوم متحركة …. إلخ.
2- إضافة إلى مفرادات المنهج البصري، يجب أيضاً الإشارة إلى جانب هام فيما يخص محو الأمية البصرية للطفل وهي تصميم استراتيجيات للتفكير البصري Visual thinking strategies (VTS) داخل قاعة الدرس لتنمية الجوانب المتعلقة بالتفكير والتعلم البصري، والتي تتيح للطفل التدريب المستمر على التواصل البصري، والتفاعل مع استراتيجيات التفكير البصري المخصصة له من خلال المناهج الدراسية المختلفة، وكذلك إكسابه مهارات التفكير الناقد والملاحظة وتفسير المعني وهي من المهارات الأساسية لمحو الأمية البصرية.
3- ضرورة ضمان التعرض المستمر للطفل للمفردات البصرية المختلفة المقدمة إليه من خلال المحتوي التعليمي المصمم بفكر ومفاهيم محو الأمية البصرية مثل أفلام الفيديو وأفلام الرسوم المتحركة كجزء أساسي من المناهج المخصصة له في مرحلة التعليم الأساسي وذلك وفقاً لاستراتيجات تعليمية واضحة ومحددة، وأيضاً استخدام تقنيات الواقع الافتراضي والتي تتيح المحاكاة البصرية لمضمون المحتوي التعليمي التربوي المقدم للطفل.
4- الاعتماد على السرد القصصي البصري والرسوم المصورة في قاعة الفصل الدراسي، بهدف الاستثارة البصرية للطفل باعتبارها أحد أساليب ممارسة وتطوير مهارات محو الأمية البصرية لدي الطفل.
5- وضع خطة منهجية تربوية للطفل من خلال منهج دراسي يتيح له مشاهدة الأعمال واللوحات الفنية المختلفة والتفاعل معها بصرياً داخل الفصل الدراسي لتدريبيهم على التعرف على المفرادات والعناصر البصرية المتضمنة في تلك الأعمال من ألوان وأشكال وصور، وخامات تنفيذ، وهو ما يقود إلى ضرورة تفعيل مقررات التربية الفنية ومادة الرسم والتي تتيح للطفل التعامل مع الخامات الفنية المختلفة والتعرف عليها حيث تعتبر هذه المواد الدراسية مواد مؤهلة لإكساب الطفل لمهارات محو الأمية البصرية.
6- تدريب الطفل على الإنتاج البصري بأشكاله المختلفة سواء كان في شكل رسوم أو أعمال فنية مختلفة، وذلك من خلال مقررات وبرامج تدريبية تُصمم وتبني على استراتجيات تعلم بصري واضحة (VTS)ومرتبة وفقاً للمستويات التدريجية لمراحل التعليم الأساسي والمرحلة العمرية للطفل، حيث يعتبر التدريب على الإنتاج البصري أيضاً أحد آليات محو الأمية البصرية فمن المفترض أن يصبح من يكتسب مهارات محو الأمية البصرية قادراً على القراءة البصرية وأيضاً الإنتاج البصري بأشكاله المختلفة.
7- التربية المتحفية للطفل والتي تعتبر ركن أساسي ومكمل للجوانب السابقة والخاصة بتفعيل التعرض للأعمال الفنية والتواصل البصري معها، وذلك من خلال الخروج بالطفل خارج قاعة الفصل الدراسي لاكسابه خبرات بصرية متميزة من خلال الزيارات المتحفية ومعارض الفنون التشكيلية المختلفة، والأماكن الأثرية والتراثية المختلفة، ويمكن الاعتماد أيضاً على تقنيات العروض المتحفية الافتراضية في ظل جائحة كورونا.
فيمكن أن تُدرج التربية المتحفية كمقرر دراسي في مرحلة التعليم الأساسي على أن يتم تقسيمه على السنوات الدراسية لمرحلة التعليم الأساسي، على أن يتضمن المحتوي التعليمي والتدريبي لهذا المقرر على تعلم المبادئ الأساسية للقراءة البصرية للأعمال الفنية المختلفة من خلال الزيارات المتحفية المستمرة.

8- تدريس بعض المبادئ البسيطة للتذوق الفني وعلم الجمال ومحاولة الاستفادة من هذه العلوم في تصميم المناهج البصرية المقدمة للطفل.
9- في ظل أزمة كورونا وتأثيرها على العملية التعليمية وظهور مفهوم التعليم الهجين، يكون هناك حاجة ملحة لوضع استراتيجيات تعليمية تربوية بصرية تتيح للطفل اكتساب خبرات بصرية مختلفة من خلال التعليم عن بعد بهدف اكسابه مهارات محو الأمية البصرية وتمكينه من التواصل البصري الفعال من خلال الوسائل الرقمية المستحدثة.
