د. عاطف الدرابسة
قلتُ لها
هناكَ رواياتٌ تحترقُ
كالأشجارِ اليابسةِ
أو كالغاباتِ
التي غضَّ عنها الماءُ بصرَهُ
وهناك رواياتٌ ملأى بالأحلامِ
والخرافاتِ
والأساطيرِ
لا تصلُحُ أن تكونَ مرايا للعصرِ
كأنَّها سفنٌ تنتظرُ الرِّيحَ
كي لا تغرَق
هناك أصواتٌ تختنقُ
وأصواتٌ تصرُخُ من بينِ قضبانِ الصَّمتِ
وهناك صوتٌ وحيد
يبحثُ عن طائرٍ
بألوانِ قوسِ قزحٍ ليُغرِّد
هناك دموعٌ تبحثُ عن مآقٍ
وجفون
وهناك عيونٌ
تبحثُ عن دموعٍ لتهدأَ
قبل النَّزعِ الأخيرِ
الرُّوحُ
هناك خطواتٌ
تبحثُ عن طريقٍ
وأقدامٌ تبحثُ عن حذاءٍ
لتقطعَ الطَّريقَ
وهناك قلبٌ يبحثُ عن امرأةٍ
لا تُشبهُ النِّساء
كأنَّها أغنيةٌ
تبحثُ عن حنجرةٍ
أو كأنَّها شتاءٌ
يبحثُ عن المطر
هناك قصائدُ كأوراقِ البنفسجِ
ساحرةٌ كالأشياءِ البيضاءِ
تتنكَّرُ بوجهِ امرأةٍ ترتدي الضُّوء
وحين تقتربُ منها أكثر
يختفي الضُّوءُ
ويرتدي المكانُ ثوبَ العتمةِ
قبلَ أن يعلَقَ بأطرافِ عودِ ثقابٍ
فإذا الضُّوءُ والعتمةُ
رماد
هناك رواياتٌ
وقصائدُ
ونساءٌ
متشابهاتٌ
غير أنَّها لا تُشبهني
ولا تُشبِهُ لغتي
كلَّما اقتربَت من دمائي
ثارت عليها دمائي
كلَّما اقتربت من مواقدي
احترقت بناري
وصارت جمراً لرمادي
لم تعُد لغتي تنتقلُ من مكانِها
صارت راسخةً
مثلَ جبالِ الأساطيرِ
جامدةً
مثل مُحيطاتِ الشَّمالِ والجنوبِ
ذابلةً
مثل الشَّمسِ لحظةَ الغروب
لم تَعُد لغتي حدائقَ طبيعيةٍ
لقطعانِ الغزلانِ
لم تعُد مأوىً للطُّيورِ
وأنا ما زلتُ أبحثُ عن روايةٍ
بلا نساءٍ
وعن امرأةٍ بلا روايات