أشارك هنا منشور الشاعر اللبناني الكبير محمد على شمس الدين، وأجوبته لأسئلتنا المتعلقة بالشعر والقصيدة وأسراراها
أجوبة عن أسئلة حول الشعر والقصيدة أسرارها و احوالها وجهها لي الأستاذ الدكتور نور الدين الورفلي.
9/5/2022
بعد التحية هنا الأجوبة عن أسئلتكم صديقي الدكتور نور الدين الورفلي:
أولا تسألني كيف تأتي القصيدة اهي تأتي اليك ام انت من يأتيها والحال ان القصيدة حاضرة وغائبة في مكان ما من نفسي في وقت واحد اشبه ما تكون بسكون بحيرة لا اعرف متى تحركها الريح وكيف.. اني انتظر السوانح والتقطها اذا استطعت لذلك سبيلا إذ كثيرا ما تمر ولا أستطيع الإمساك بها. بالطبع القصيدة غالبا ماهي حرة وصاحبة تعزز وتمنع ولست ممن يدعون اني قادر على جلبها بمحض ارادتي ورغبتي بالصنعة لكن لاكن دقيقا وصادقا لا جبر في القصيدة ولا تفويض كأقدارنا نشاء ويشاء لنا اكتب القصيدة وتكتبي وهكذا أدير عجلات هذه المركبة الربانية وتدور هي بي. وفي النتيجة بين يدينا قصائد مولودة وموجودة تماما كأطفالنا وذرارينا
ثانيا : نعم تتزاحم وتطل برؤوسها وتتمنع وخلال الكتابة غالبا ما اكتب اكثر من قصيدة واحدة في وقت واحد بمعنى احتمالات وأشكال وتجارب عديدة في المعنى والسياق والشكل واللغة والموسيقى وهناك تدفق ولكن أيضا تمنع وتعسر أحيانا يقف مجرى النهر على حجر كلمة وزن توازن ويعذبني ليلا بكامله وربما لم ينفتح المجرى فتبقى القصيدة معلقة ولا أعلم متى يفتح المجرى او يفتح لي
ثالثا : الشعر مركبة غامضة لها اتجاهات كثيرة ولكنها قلقة لا المعنى مستقر ولا اتجاه الريح معروف والمركبة تسير في هذا الهياج ولكنها قد تتحطم. غالبا ما مركباتي تتحطم لذلك تشعر بطعم رماد في ما اكتب وربما عدمية والصوفية التي أحيت ما تبدد من احوالي أخيرا منحتني احتمالات التعامل مع الاقدار والموت والحب والرهبة بما يشبه الغيبوبة اللذيذة نشوة الغيبوبة
رابعا :الشعر جرح من أقدم جروح الغيب هذا هو تعريفي بالشعر فهو جرح لأنه كلمة والكلمة جرح يجرح بها الشاعر الوجود ليستخرج دمه اي سره وباطنه وهو جرح قديم مصاحب للإنسان من اول وجوده. أما الغيب فيبدأ بالمستور المجهول وينتهي بالسر الأعظم الله عز وجل
خامسا : ما علاقة الشعر بالمعرفة بالعلوم بالتكنولوجيا بأبستمولوجيا المعرفة في الأساس اللغوي شعر عرف لكن في القاع الإبداعي والافق الشعري فإن الشعر ليس المعرفة بل قلق المعرفة ولذلك فإنني ارى ان الشعر يبدأ من حيث تنتهي المعارف وينتهي التاريخ… كيف؟
أقصد ان الشعر هو التحويل الشعري لكل شيء يمسه لذلك هو الأقرب للسحر منه للعلم واقرب للحلم منه لليقظة ولماذا؟ نسأل ونجيب : لأنه ابن المخيلة الفذ وابن ديناميكية الكلمات في عقلها وطيشها وشطحها ولاوعيها وطبقاتها الأكثر سفلية وغورا ونسيانا..
سادسا: الشعر متأهب دائما كطلقة في فم مسدس واحتكاكه بالوجود لا يهدأ لأنه يعمل في الليل والنهار بل لعله كائن ليلي لا ينام فحركة اللاوعي هي محرك الشعر الأقوى والاعظم انه المساحات السوداء التي لاتحد من كينونة الشاعر والانسان
سابعا :كل اكتمال لقصيدة منقوص. فالقصيدة دائما هي الابتداء بالقصيدة وهنا الشعر كالدهر لا اول له ولا اخر بل لعله الدوران وللدوران في الرقص أهمية خاصة وهو في الجسد يما هي دوران الافلاك والمياه والانوار والدماء. أما الجمال فأهم ما فيه (غموضه والخوف). لأنه يُذَكِر، ليس فقط بالحياة، بل بالموت أيضا..
10.5.2022
د. محمد علي شمس الدين