الآنَ.. في هذه اللحظةِ
من الغربة
الهواءُ الآتي من الشرقِ
يحملُ في طيّاتهِ صوتَ وطني
الهواءُ ثقيلٌ جدًّا،
متخمٌ بأنفاسِ الأمّهاتِ الثكالى
وأحلامِ الطفولةِ المبتورةِ
وأماني الشبابِ المقهورةِ
ورؤى الشيوخِ المكلومةِ
البحرُ يعجّ بوطأة ظلمكم
يتأوّهُ الغيمُ المطهم بدخانِ حرائقكم
امتلأت الغربةُ بنا
اتّسعتْ حيثُ ضاقَ صدركم
أفرغتم الوطن الجميل
صرفتم أنظاركم عن وجعِ أبنائهِ
وصممتم آذانكم عن أنينهم
وأوقدتم الإنسانَ حطبًا على مذبحِ أطماعكم
مقهورًا ترمونهُ في سلالِ وعودكم
مني لكم رسالة
إلى أعداءِ الحياةِ أقولُ:
اعتذروا عما فعلتم بي، سرقتم مني قلمي وأمني، وسلختم عني وطني
اليومَ لكم أقولُ، من هنا من غربتي:
إخلاصي أكبرُ من خطاباتكم
ووجعي أطهر من جعجعاتكم
الأرزُ لن ينحني
صنينُ لن تدنّسهُ نعالكم
اليوم
يولدُ من رحم النارِ
طائرُ الفينيق
ينتفضُ.. ليكسرَ سلاسلَ الغيلانِ
دهشةُ الحبّ لبنانُ
عشقٌ مشتعلٌ وروحُ ثورةٍ
عزمُ الصخورِ شبانه
النبلُ والكرامةُ دماؤهم
شموخهُ وعطرُ الهواءِ نساؤه
يمزجن دمعهنّ بالرياحينِ
يجمعنَ أغمارَ الوردِ
يعجنّ الأملَ بخمرةِ الندى
ويستبدلنَ بالرصاصِ الياسمينَ
يزينّ ساحاتِه برائحةِ العنفوانِ
لن تحجبَ شمسَه طغيانُكم
ستقرعُ أجراسُ العزيمةِ
وتؤذنُ عنادلُ الليلِ
سنعلو على تآمركم
ونمشي على دربِ الهويةِ الواحدةِ
لا “الهوية القاتلة”
حاملينَ معاولَ الأملِ
نحفرُ الأرضَ جيلًا بعدَ جيلٍ
نزرعُ البسمةَ ونحصدُ الضحكةَ
ونملأُ الفضاءَ صهيلًا
نحن الكرامونَ، نحن الأبجديةُ، نحن همسةُ الوصلِ
بين الغربِ والشرقِ
ورسالةُ السلامِ وأغاني النبلِ
نحن غدُ لبنانَ الجليل
نحن اخضرارُ السهول
ورقصةُ السواقي في الوديان
نصعدُ من أتونِ ناركم
نكتبُ تاريخًا جديدًا على غصونِ أرزه
ننقشُ أسرارَ الخلودِ على جدرانِ جعيتا
لبنانُ ارتعاشُ المساءِ وصدى ألحانِ الجمالِ
أكبرُ من كلّ أطماعكم
وأحزابكم وطوائفكم
لبنانُ الأغنيةُ والترنيمةُ العلويةُ
ملحُ الشرقِ لن يفسدَه فسادكم
وغصنُ زيتونٍ
وإكليلُ غارٍ وأنشودةُ سكينةٍ وطمأنينةٍ.