طالب الدراجي
كان هذا الباب يؤدي الى سطح البيت المجاور ، فلما بعنا نصف البيت وقام المشتري ببناء البيت من جديد ، بقي الباب ينفذ الى جدار البيت المجاور ، تفتحه تلاقي جدار من الطوب فلم يفتح بعدها أبدا ، بعد مرور عشر سنوات ، يومها كنت أشعر بالحزن والكآبة صعدت الى السطح أتحدث مع الله ، كنت غالبا ما
كلما حاصرني الحزن أو الكآبة أصعد لسطح البيت أبكي أو أفكر أو ألجأ الى الله ، كنت أعرف أن الله لا يتحدث معي ، لكنني تعودت التحدث اليه من طرف واحد ، أشكو له ما ألم بي وما صار الحال عليه ، مع ذلك لم أكن انتظر منه الرد ، كل ما أردته منه أن يسمعني فحسب ، لم أكن أدقق فيما لو كان يسمعني أو لا ، كنت أكتفي بالبوح له فحسب ، بعدما هدأت نفسي من حزنها ويئست من الاجابة ، وأنا أدور في السطح أخذتني خطواتي نحو الباب على غير هدى ، وكنت أشاغب نفسي بإثبات يئسها
صار الباب قبالة وجهي ، فمددت يدي نحو مقبض الباب ومسكته ثم أنزلت قبضته للأسفل كنوع من المجاملة ، فأنا أعرف أن ما فتحت الباب سيلاقيني الجدار ، فتحت الباب ووجدتني أمام طريق مظلم نوعا ما ، أرضه تشبه أرض الغابات الأمازونية ، أحراش وجذوع وأوراق شجر تُغطي الأرض ، شككت بالأمر على انه حلم ، لكنني تذكرت بأنني لم أتمدد على سريري بعد ، فكيف تتجلى لي هذه الصورة ، تركت وساوسي وسرت في هذا الطريق مذهولا بما أرى ، طريق غير مأهول كأنما خطواتي للتو خطته ، وبقيت أسير وأنظر الى ما حولي من أحراش وأشجار كبيرة قديمة يكتنفها الضباب ، خفت أن أسير أكثر فلا أجد طريق العودة ، فرجعت من فوري الى الباب وأغلقته بخوف ، ثم فتحت علبة سجائري وأخرجت سيجارة وأشعلتها ، ما هذا ربما أصبت بداء التخييل ، أو فُصِمتْ شخصيتي عني ، أكملت سيجارتي وعدت للباب وفتحته من جديد ، فوجدتني في مكان شتائي مليء بالثلج وكل ما فيه هضاب ثلجية وجبال ، خطوت بضعة خطوات وعدت وأغلقت الباب ، انتظرت بضعة دقائق ، فعدت للباب وفتحته ووجدتني في مدينة ،وتحت بناية كبيرة وسط الشارع والمارة في كل مكان ، كنت مندهشا جدا ، فهل هذا باب سحري ، عدت مرة أخرى للباب وأغلقته ، ثم فتحته ووجدتني داخل خزنة مصرف ما ، وأمامي الكثير من الأموال ، من الصعب جدا حملها مرة واحدة ، جربت أن أحمل قدر ما استطيع من المال وخرجت من الباب ، وأغلقته ، كانت الأموال معي وهي حقيقية ، أعدت حسابها عدة مرات ، وما زالت حقيقية ، إذاً هذا الباب حقيقي ، هو نوعا ما مدخل سحري، في كل مرة يذهب بي الى مكان ما حسب أحلامي وطموحاتي ، الان صار عندي المال ، وطالما أن احدى طموحاتي هو العثور على حبيبة ،طالما أشبعت مخيلتي بها ، وضعت الكثير من المال في جيوبي وركزت على اللقاء بامرأة رائعة ، ثم رجعت الى الباب وفتحته ، وجدتني داخل بار في أحدى الدول الأوربية ، كانت هنالك امرأة نادلة أو لنقل أنها ساقية ، كانت رشيقة جدا وأنيقة ورائعة الجمال ، فجأة وجدتني منجذب اليها ، توجهت نحوها ووقفت أمامها وقلت لها
– هل تسمحين لي بأن أجعلك ملكة كوكب الأرض؟
نظرت الي باستغراب ، واندهاش وقالت لي
– جميلة هذه المزحة ، أنا أتلقى الكثير من المزحات ، لكن هذه أجملها
قلت لها : دعك من الآخرين ، أنا اليوم مصباحك السحري ، كل ما عليك فعله هو دقيقة من وقتك .. دقيقة فقط لتري حقيقة ما بيدي لاجعلك الملكة
قالت ما تريد ؟… سأقبل التحدي أيها الغريب
قلت لها تعالي معي لدقيقة فحسب ، نعبر هذا الباب وفقط ، بعدها لك القرار فيما تختارينه لحياتك القادمة ، فسارت معي وعبرنا الباب ووجدت نفسها فوق سطحنا ، نظرت في الارجاء ، حيث انها ترى سطح البيوت وترى الأزقة والدرابين ، قالت لي أين أنا ، قلت لها الم أقول لك بأني مصباحك السحري ، لا عليك من هذه السطوح والمباني والأزقة ، أنا أبحث عن امرأة رائعة الجمال ، وها أنت بكل هذا الجمال تأتين معي من أوربا الى الشرق الأوسط ، في العراق بلاد ما بين النهرين مع رجل سيأخذك الى أي مكان تريدينه ، الآن فقط عليك أن تقبلي هذه المشاهد الساحرة ، ثم نختار أين نمضي أوقاتنا الجميلة
كانت مذهولة مصدومة ، حاولت الرجوع الى الباب الذي جاءت منه ولكنه كان موصودا ولا يفتحه سواي ، قالت لي ، أفتحه من فضلك ، أنا لا أفهم ما يجري ، دعني أعود الى حياتي ، قلت لها في حياتك لن يعطيك أحد كل ما تحلمي به وتتمنيننه ، لماذا تريدين العودة للحياة الروتينية السابقة ، قالت لي هذا يشبه الحلم ، أعطيني شيئا حقيقا كي أفهمه
قلت لها : والله كل ما ترينه هنا حقيقي ، أنت فقط لم تعتادي على المعجزات ، وأنا معجزتك فلا تهدريها ، ثم أني أخرجت لها الأموال كلها ونثرتها تحت قدميها ، وأخبرتها بأن القادم لا حد لوصفه ، نظرت الي بتمعن واستغراب وهي تحاول أن تستوعب ما يجري ، ثم قالت لي ، حسنا : خذني الان الى جزر برمودا أن كنت صادقا فيما تقول عن بابك ومصباحك السحري ، فأخذت بيدها وتراءى لي جزر البرمودا في خاطرتي وتقدمت نحو الباب وفتحته ووجدنا أنفسنا في جزر البرمودا ، فلما رأت حقيقة ما أستطيعه ، وشاهدت بأم عينيها تلك الجزيرة وشواطئها ، ارتمت تحضنني وهي تقول لي أي ساحر أنت ؟ هذا من العجب العجاب فأخبرتها بقصة الباب وتعجبت من تصاريف القدر ودهاليز الصدف
وينما نحن نسير في الجزيرة ، وقفنا على مطعم جميل جدا ، اقتربت من باب المطعم وفتحته فرأيت خلفه الجدار ، ذاته الجدار الذي كنت أراه عندما أفتح الباب فيلاقيني الطوب ، التفت حولي فلم أجد شيئا البتة ، لا هذه الساقية ولا جزر البرمودا ، أنا في السطح مقابل هذا الجدار