“الدهشة” في الكتابة
المسألة ثقافية .
بين اندماجنا في الواقع والقبول به كما هو يجري وبين ما نتثقفه لتثبيت ما هو فيه من مواقف ورؤى.. حيث ان الحاضر يسلك بروحية الماضي .ونقيم افعالنا قياسا لشخصيات قد خلت .
هذا الانغماس في الواقع والبال لا يقيس المسافات بينه وبين من عاش قبله..
ليس كل ما هو ماض هو سيء ..ولكن العلاقة مع الاشياء اختلفت .. العلاقات الانسانية اختلفت .العلاقات الاقتصادية اختلفت …واختلف الحكم عليها ..حتى باللغة ..
وسائلنا مختلفة . وهناك عاداتنا وتقاليدنا تحكم على سلوكنا وتجبره ان يكون برضاها والا نكون خارج رضى الرأي العام ..
كل ذلك تسمح به الرؤى التي نملكها عن العالم والمجتمع والقيم … ما هي هذه الرؤى ؟
هي ما نندمج بها ونقبلها في سلوكنا ..قد تبين متخلفة اذا قسناها مع غيرنا من مجتمعات العالم ولكنها مثالية الرأي العام .
وكذلك مثالية في الاعراف الادبية .ومثالية في القيم ..هذه المثاليات /الرؤى ..تشكل موازين للكتابة والسلوك.
هنا يأتي دور الادهاش في الكتابة برؤية مختلفة فتشكل سير الحدث في القصة بهذه الرؤية . فالقاريء المشبع برؤى واقعها يفاجىء بالكيفية التي تشكل بها حركة المعنى..والدهشة الكبرى تكون في القفلة التي انهت القصة فالمفارقات كانت تنسج بروحية رؤية مختلفة عما هو جار في الواقع وعما هو مستقر في المثاليات المؤمن بها المتلقي .
هذا التعجب يصبح قبولا اذا استطاع الكاتب بما يملك من وسائل الاقناع بالصور الموحية والتخييل ..لان الجديد يكون اقرب الى القبول من القاريء اذا قدم عن طريق المخيلة وتستقبله مخيلة ايضا ..
اذن الدهشة هي اختلاف في الرؤية وفي التشكيل على مقتضى الاختلاف. فهو يخلق لغة مغايرة لان السكن الاول يكون هناك في عرزال اللغة ..لان كل رؤية تبدع علاقاتها.