لا يسعني إلا أن أشعر بالفخر والاعتزاز عندما أرى كيف تواصل إمارة الشارقة إشراقها في سماء الثقافة العالمية، مُحققة إنجازات تفخر بها الأمة العربية والعالم أجمع. إنها ليست فقط لحظة فخر للعرب، بل هي لحظة يُحتفى بها من قِبل كل من يقدر قيمة الحضارة والتراث الإنساني.
تحت قيادة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، تحولت الشارقة إلى منارة ثقافية عالمية، ليس للعرب فقط، بل لكل من يسعى لفهم التداخل بين الحضارات وتعزيز الحوار الثقافي ، نرى أن هذه المبادرات تعكس مدى الانفتاح الكبير الذي تسعى إليه الإمارة. فهي تجمع بين الأصالة العربية والرؤية المستقبلية الشاملة، لتصبح جسرًا ثقافيًا يربط بين الشرق والغرب، وبين ماضٍ حضاري عريق ومستقبل مُشرق.
من أبرز ما يلفت انتباهي هو “شبكة المعهد الثقافي العربي” التي تم افتتاحها في مدينة ميلانو الإيطالية يوم 30 أغسطس 2024. إن فكرة إنشاء شبكة للمعاهد الثقافية العربية في مدن العالم ليست مجرد فكرة للترويج للثقافة، بل هي رسالة للعالم بأن الثقافة العربية لها جذور عميقة يمكن أن تُزهر في كل مكان. هذه المعاهد تمثل منارات ثقافية تسهم في تعزيز الفهم المتبادل بين الشعوب، وتوفر فضاءً للأدباء والمثقفين من كل العالم للتلاقي والتعاون.
ومن بين الإنجازات التي تستحق التوقف عندها يأتي “المعجم التاريخي للغة العربية”، فهو مشروع غير عادي يعيد توثيق تاريخ اللغة العربية، تلك اللغة التي كانت وما زالت واحدة من أعظم أدوات التعبير عن الفكر والحضارة. يتألف هذا الإنجاز الضخم من 127 مجلدًا، واستغرق إنجازه سبع سنوات من العمل المتواصل. اكتمال هذا المشروع يعد دليلاً قاطعاً على الجهود المبذولة للحفاظ على هوية الأمة العربية ولغتها.
وأخيرًا، فإنّ “الموسوعة العربية الشاملة” هي خطوة جريئة نحو توثيق كل ما يتعلق باللغة والفكر العربي. الموسوعة تُعد مرجعًا لا غنى عنه لأي باحث، سواء كان عربيًا أو غير عربي، يسعى إلى فهم الفكر العربي في مختلف مجالات المعرفة. إنها جسر آخر يربط بين الأجيال والثقافات، ويعزز من الفهم المتبادل بين الشعوب.
تتجلى هذه المشروعات الثلاثة كأشعة منيرة، لا تضيء فقط سماء الأمة العربية، بل تشع بنورها على العالم أجمع. الشارقة تُظهر لنا أن الثقافة ليست حكراً على شعب أو أمة، بل هي إرث مشترك تتقاسمه الإنسانية.
