د.شربل داغر مقال الاثنين، جريدة “نداء الوطن”، بيروت، 3-10-2022)
بدأ، في صالات عرض عربية مختلفة، عرض فيلم : “الهيبة” للمخرج سامر البرقاوي، من بطولة تيم حسن، الذي حصدَ عالي المشاهدات والمتابعات في المواسم التلفزيونية (الخمسة) في السنوات الأخيرة
ما جرى لهذا المسلسل من إنتاج جديد، حصلَ لغيره قبله، واستكمل الإنتاجُ السينمائي الإنتاجَ التلفزيوني
هذا ما شهدتْه مسرحيات ومسلسلات تلفزيونية “ناجحة” من الشاشة الكبيرة إلى الشاشة الصغيرة
ما استوقفَني، في هذا الاستكمال الفني، طبيعته. فقد كشف حقيقةَ انتقالٍ أوسع وأعمق مِما أصاب هذا المسلسل. وهو انتقالٌ يعكس تغيرات في عادات المشاهد
إذ إنه بات قليلَ الإقبال على
صالات السينما، وكثيرَ الاعتياد على متابعة المسلسلات في بيته، أمام شاشته الصغيرة.
هذا ما ترافقَ مع التسابق الشديد الذي أصاب المسلسلات التلفزيونية في شهر رمضان، حيث باتت تحصد أقوى الميزانيات، وأشهر النجوم
ما بدأ مع عادل إمام أو يسرا أو نور الشريف أو نادين نجيم أو قصي الخولي تأكدَ وتعززَ موسما بعد موسم
إلا أن أسباب نجاح المسلسلات المحلية لا تُخفي، مع ذلك، نجاح العلبة الصغيرة في ابتلاع العلبة الكبيرة المتعاظم
فقد باتت الشاشة البيتية أكثر انسجاما مع عاداتِ مشاهدٍ يستأنس أكثر مع ما بات أقرب إلى سينما بيتية. فكيف إذا أضيفت إليها كثرة القنوات الفضائية ! كيف لا، وقد تحولت بعض هذه القنوات إلى ما يشبه شركات فيديو بتصرف المشاهد : يعود إليها براحة، ومتى يشاء، حتى إنه “يٌبرمج” بعضها حسب مرغوباته
هذه النقلة الواسعة لا تُلغي الإقبال الشديد على صالات السينما في المدن ذات الاعتياد السينمائي. بل أظهرتْ تجربة “نيتفليكس” الأخيرة، أي فشلها النسبي، أن جمهور السينما راسخ عالميا
أما، في هذه البلاد، فالصورة مختلفة : تتراجع ميزانيات الأفلام، فيما يتأكد نجاح بعضها القليل، أي الكوميدي الخفيف
وهذا يعني، قبل هذا، تراجعَ الاعتياد على الذهاب إلى صالات العرض
هذا ما أصاب المسرح قبل ذلك… وهو ما يترافق، في هذه المجتمعات، مع نكوص اجتماعي، انكفائي، فضلا عن تنامي العنف -الأهلي احيانا- في الشارع العربي
“هيبة” السينما تراجعت، ولم تعد “صالات العائلات” تنتظر زبائنها، وقد خرجوا من بيوتهم، في ثيابهم المهفهفة، كما في يوم العيد
ما يمكن اختصاره، هو أن ما بدا جديدا، مع المسرح ثم السينما، وما استدعاه من “خروجٍ” اجتماعي إلى علانية المجتمع واختلاطه، تراجعَ لصالح التلفزيون، الذي أصبح-بمعنى ما- بديلَ سهرات “الحكواتي” ومناظر “صندوق العجائب”