العدالة الضائعة
وحول إشكالية الصراع الدائم في هذا الوجود ومنذ بدء الخليقة ما بين الخير والشر ومنذ قابيل و هابيل وقتل الأخ لأخيه بدافع الغيرة والحسد والتسلّط، نحاول أن نستجمع ذاكرتنا المبعثرة في هذا الهزيع، النجوم باهتة فوقنا والفضاء الشاسع يبدو كطلاء من غير لون، هنا على هذا الكوكب الذي هو من توابع مجرّتنا مجرّة درب التبانة الناس فيه يتنهاشون بعضهم البعض وحالة الظلم والتزوير والهيمنة هي اللغة السائدة، فلا مكان آمن للجوء إليه الكل يستغل الكل والقوي يأكل الضعيف ويصادر ثروات بلاده، وسباق التسلح على أشدِّه فالعالم يعيش في ظل القطب الواحد ولو بالإكراه، والشعارات حَدِّث ولا حَرَج فبإسم حرية الشعوب والديمقراطية تُسلب الثروات وتُعَمّم الفوضى، إذن نحن نحيا في زمن اللامعقول واللامنطقي واللاإنساني ندور في الحلقات المفرغة فالقاضي هو الجلاّد نفسه والراعي هو الذئب في الرعية، فإلى أين نحن نسير؟ إذ تباد شعوب وتُقتلع أخرى من مسَاكنها الأصلية لتحُلّ محَلّ شعوب أخرى إحتلالاً وتعسفاً ودموية، ونرى كل الهيئات الأممية الداعية للسلام وحقوق الإنسان وحرية الشعوب باختيار أنظمة الحكم فيها، منحازة كل الإنحياز للغطرسة والديكتاتورية المقنّعة، بدليل أن لا إستقرار على هذه البسيطة فالحروب دائماً في حالة تنقّل وتأجج واشتعال، الحل بقيام العدالة على أسس القيم والمبادئ واحترام الرسالات السماوية وحرية المعتقد والإعتراف بالحقوق المغتصبة وإعادتها لأصحابها الحقيقيين، فبلاد الله شاسعة والخير كل الخير فيها وهي تتسع للمليارات من الأعداد البشرية لو أحسَنّا استثمارها وتأمين شروط البناء ومستلزمات العيش فيها بدل الموت والخراب والتشريد لصارت جَنّة، فبالإمكان القضاء على الفقر في أنحاء العالم بكل سهولة وإشباع الجياع وإيواء المشردين بالقناعة والشراكة والتخلّي عن الأنا والإستئثار والفوقية نحيا السلام الدولي، كُلنا يرغب بالأمن والأمان وبالسلام العادل والشامل وفي النهاية لا حياة مديدة للممالك والملوك والأباطرة والقياصرة والحكّام فالملك عقيم ولا يدوم فأين هؤلاء الذين ذكرناهم صاروا من الماضي ومن التاريخ الغابر وفي غياهب النسيان، فاعتبروا يا أُولي الألباب، الكوكب يترنح من شدّة التعب ومن العبث به، وتكاد الترسانة النووية تهدده بالكامل إذ أنه وبضغطةٍ من أحد المجانين على زر التفجير هذا ساعتئذٍ سيكون الجحيم وتكون النهاية ولا مكان للندم، أما آن للعالم أن يستريح.

إسماعيل رمّال