د. حسن مدن لصحيفة الخليج
تتحدث قصة «الشيخوخة» للأديبة المصرية لطيفة الزيات، عن كاتبة كتبت يومياتها وهي في الخمسين من عمرها، لكنها لم تنشرها حينها، فسقطت في زحمة أوراق منسيّة، وبعد عشر سنوات، وقد أصبح عمرها ستين عاماً، عادت إلى تلك اليوميات، مقررة في هذه المرة نشرها، لكن بعد تعديلها لتعبّر عن منظورها الحالي للحياة، كامرأة وكاتبة، ليتبين لها استحالة ذلك، «فكل شيء يتغير ويتبدل، خاصة في المرحلة المتقدمة من العمر، ومنظور امرأة في الستين غير منظور امرأة في الخمسين»، فقررت الإبقاء على تلك المذكرات كما هي، مع إضافة بعض ملاحظات توافرت بحكم السّن والخبرة، «فما من تجربة شعورية تتكرر على الصورة نفسها، وما من تصوير لتجربة شعورية يمسك بالحقيقة في كليتها، ولا في حركتها الدائبة»
امرأة بمكانة ووزن لطيفة الزيات التي عرفت ما عرفت من تجارب في الحياة، جديرة بأن تكتب ما الذي تضيفه كل مرحلة من العمر على سابقاتها، بفعل تراكم التجارب والخبرات، وربما الخيبات والانكسارات أيضاً، التي عرفها جيلها
قدّمت للمجموعة القصصية التي ضمت قصة «الشيخوخة» وصدرت في عام 1986 الأديبة الراحلة رضوى عاشور، في فقرات قليلة نشرت على الغلاف الخلفي للمجموعة. من بوسعه أن يقدّم لطيفة الزيات وأدبها أفضل من رضوى؟ لا أحد
المشتركات بين المرأتين كثيرة، أدباً وفكراً، وموقفاً في الحياة، ومنها. وصفت رضوى لطيفة الزيات بأنها واحدة من أبرز كاتبات مصر، مشيرة إلى مشاركتها على مدار عقود في العمل الوطني والديمقراطي. وعن قصة «الشيخوخة» وسواها قالت رضوى: «تتسم بمعرفة حميمة بالحياة.. بالتكوين النفسي للنماذج الإنسانية والتناقضات الاجتماعية التي تتحرك في إطارها وتتفاعل معها»
كاتبة أخرى، فرنسية هذه المرة، هي آني إرنو، قاربت موضوع العمر، في روايتها «الشاب»، لكن بطلة الرواية لم تختر كتابة مذكراتها عن مراحل العمر ومحطاته، وإنما قررت أن تعيد الزمن إلى ما كان عليه، باستنساخ ذكرياتها وهي شابة، من منظور امرأة كهلة، فاختارت طالباً شاباً شريكاً عاطفياً لتقيم معه في المنطقة نفسها التي عاشت فيها فترة دراستها الجامعية، وتختبر العلاقة مع التفاصيل التي تعرفها جيداً من منظور عمرها الحالي. حيّز الفارق بين ذاكرة الشريكين كبير جداً؛ ذاكرة شاب بالكاد يتعرف إلى الحياة، وذاكرة امرأة عاشت أحداثاً وتحوّلات مهمة وفاصلة في بلادها، وفي نفسها
مُلخصة تجربتها، تقول المرأة: «صرت أشعر بأن بإمكاني تكديس الصور والتجارب والسنين من دون الإحساس بأي شيء غير التكرار ذاته، يخالجني الانطباع بأني خالدة وميتة في الآن ذاته»
غرفة 19
- إنسـان فيتـروفيـوس- للفنان الإيطالي ليــونــاردو دافـنـشـي، 1487
- الحياة والمحبة والتعلم: ثلاثية متكاملة
- صرخةُ قلمٍ باحث عن كلماته الضّائعة
- “ظلالٌ مُضاعفةٌ بالعناقات” لنمر سعدي: تمجيدُ الحبِّ واستعاداتُ المُدن
- الشاعر اللبناني شربل داغر يتوج بجائزة أبو القاسم الشابي عن ديوانه “يغتسل النثر في نهره”
- سأشتري حلمًا بلا ثقوب- قراءة بقلم أ. نهى عاصم