هلا ياسين
“الكتابة الأدبية هي فعل الحب . أنت تكتب لأنك تحب وإذا لم تكن كذلك فضع القلم”. الباحث والأديب مالك حداد
يقول أيضا : ” أنت تكتب لأنك صاحب موهبة… فإن لم تكن تملك العشق فضع القلم “
فالكتابة نوع من الحمل الذي تحدث عنه نيتشه (الفيلسوف) الذي تأثر به جبران بكم كبير، هذا الحمل يأتي بعد تزاوج لذيذ ومخاض عسير
أول ما يمكن أن ترتبط به الكتابة هو حب المغامرة والمخاطرة حين تتحول إلى شيء احترافي ومع الوقت يكبر فينا حب ما نقوم به . فالحب ليس مسموحا إلا للإنسان الحر، والكتابة الأدبية كذلك، حيث لا يمكن أن تقترن أبدا بأي نوع من أنواع التغطية أو كتم الأحاسيس
الكتابة الأدبية ليست مجرد سرد للخواطر بلغة عامية، بل إن أساسها استخدام اللغة الفصحى بطريقة سليمة، لذا يجب أن لا نهمل لغتنا وهنا نعرف قيمة لغتنا العربية، فنبرع في استخدامها، فلهذا نحتاج أولا لوجود نية حقيقة ورغبة في الكتابة ومن ثم نتطور لندخل مجالات الكتابة الأدبية التي لا يمكن حصرها بالشعر والنثر والقصص والروايات فقط بل الفلسفة أيضا وعلم النفس والتاريخ والجغرافيا والفن والعلوم
إن كان علينا كتابة نص أدبي محترف، فنحن بحاجة للتاريخ والفلسفة والعلوم
كل كتابة أدبية تتسم بالعاطفة والإبداع، فإن اعتدنا على الكتابة باستمرار ننتقل من مرحلة الهواية والمزاج إلى مرحلة الإبداع والاحتراف ولكل منا أسلوبه الخاص والمتميز
عزيزي القارئ الأمر ليس سهلا، ولكن مع مرور الوقت والممارسة والاجتهاد تصبح قادرا على تكوين أسلوبا خاصا بك يميزك عن غيرك، ويكون بصمة خاصة بك. ومن هنا يقول لنا شرف الدين شكري: “تتطلب الكتابة قوة جسدية من أجل المطالعة المضنية وجرأة على التخلي عن مسؤولياتنا تجاه متطلبات الحياة اليومية وخبثا للتوغل في خبايا وهفوات الآخرين، كما تتطلب الشجاعة…”
فالكتابة الأدبية كالبناء الجميل يقوم الكاتب بتجهيزه من جميع الجهات فينتج نصا أدبيا يكون في غاية الجمال
والأهم من هذا كله أن الكتابة الأدبية قضية إنسانية، لأن المستقبل جزء من حياة الإنسان: مرة يحمل الماضي وما به من خبرات توجه الأنا، ومرة أخرى يحمل المستقبل وهو الأفق الذي يسعى إليه الإنسان بطموحه. فنحن نعيش الحاضر والمستقبل القريب، ومستقبلنا جزء من زماننا، ولأن المستقبل موضوع هام في فلسفة التاريخ وفلسفة العلوم، فالأدب هو من يقوم بتصوير آفاق المستقبل الإنساني
نكتب لحاضرنا ومستقبلنا وهذا معناه: جانب داخلي يرتبط بأهمية الأدب والكتابة في حياتنا، وجانب آخر وهو الأهم دور الكتابة الأدبية في إضاءة الحياة والوجود، وجانب آخر لا نغفل عنه يتجسد في الوسيط الجمالي اللغوي
فهل ستصمد الكتابة الأدبية في عصر هيمنة التكنولوجيا والإنترنت…؟؟؟
سأجيبكم ب نعم، لأن دخول الأيديولوجيا إلى عالم الكتابة جعل المرء يكتب ما يريد عن قصد، وبما أن القراءة فعل تأملي والكتابة تعبير عن الذات ومحاولة للفهم من أجل تفسير ما يحيط بنا فهنا يعيد الكاتب إنتاجه وينقل إلينا هواجسه وأحلامه
ستصمد الكتابة الأدبية لأنها تتأرجح بين الفضاء المطلق الأدبي وفضاء الواقع الإجتماعي
مستقبل الكتابة الأدبية هو مستقبل الإنسان وسماته الثقافية والروحية، فالكتابة الأدبية أصبحت أكثر التصاقا بقضايا الإنسان وانعكاسا لتجاربه
لنهتم بالكتابة الأدبية لأنها ترجمة الأفكار والمشاعر الداخلية والأحاسيس والانفعالات ونقلها إلى القراء بغية التأثير في نفوسهم، فالكتابة الأدبية ليست لغة فقط بل تواصل بشري ومخزون ثقافي وحضاري للمستقبل وفعل قراءة في جميع اللغات إن تمت عملية الترجمة أيضا. فلنقرأ كثيرا ولنكتب ونهتم بلغتنا ولنترك بصمة أدبية جميلة في حياتنا
غرفة 19
- إنسـان فيتـروفيـوس- للفنان الإيطالي ليــونــاردو دافـنـشـي، 1487
- الحياة والمحبة والتعلم: ثلاثية متكاملة
- صرخةُ قلمٍ باحث عن كلماته الضّائعة
- “ظلالٌ مُضاعفةٌ بالعناقات” لنمر سعدي: تمجيدُ الحبِّ واستعاداتُ المُدن
- الشاعر اللبناني شربل داغر يتوج بجائزة أبو القاسم الشابي عن ديوانه “يغتسل النثر في نهره”
- سأشتري حلمًا بلا ثقوب- قراءة بقلم أ. نهى عاصم