حسن خوندي
على وقع الازمة الاقتصادية نشطت مهن التصليح على حساب شراء المنتجات الجديدة وهكذا كان، اذ لففتُ حذائي القديم الذي بُري نعله في كيس اسود واتجهت خجولا الى كندرجي بعيد عن سكني حيث لا يعرفني احد.
كان رجلا ذا لحية كثيفة ووجه بنّي اللون متجعد رسمت عليه الايام خطوطا عميقة حتى بات كقطع الجلد المرمي في دكانه الصغير.
امسك حذائي بيديه الغليظتين المتسختين وراح يقلّبه كمن ينظر الى قعر فنجان قهوة بادرني ولم يحيد نظره عن الحذاء:
أستاذ …..هل تعمل في الهندسة؟ اجبته : نعم
– هندسة الطرقات؟
– اجل كيف عرفت؟
– تبدو خطواتك ثابتة ودعساتك واثقة
وقفت مذهولا كما لو اني امام عرّاف او عالم او نبي…
تابع عمله وقد تداخل كفاه بجلد الحذاء فلم اعد قادرا على التمييز بينهما. اقحم كمية لا بأس بها من المسامير في فمه، جعلتني اتحسس فمي بلساني….. وبعد ان انهى دق المسامير بخفة ورشاقة واطمأن الى متانة النعل، اردف قائلا: اتعاني من آلام في الظهر ؟
أجبته بدهشة : نعم.
اصلح الحذاء وقال لي : عليك ان تغير مشيتك فليس السير دوما بقوة نحو الامام يوصلك الى هدفك ،حاول ان تميل تارة نحو اليمين وتارة اخرى نحو اليسار لتخفف من الحمل الذي يتعب ظهرك.
خرجت من دكانه الصغير منتعلا حذائي “القديم الجديد” أكاد اتعثر كطفل يخطو خطواته الاولى.
# مش منقول