هوشنك أوسي
غالبًا ما أخلفُ مواعيدي مع الحبّ
وكثيرًا ما أسقطُ في حبائلهِ
الكرديُّ إذا انشغل بالحياة، ينشغلُ الموتُ بهِ
الحبُّ بصيرٌ وقنّاصٌ لئيم، وليس أعمى
نحن العُمي؛ حين نعشق
وحين؛ لا نعشق
***
أما زلتَ حيًّا، تديرُ مطحنةً هوائيَّة، في النَّهار
ومع حلول الليل، تصطحبُ فتاةً من قمحٍ وبُنٍّ
من “بار” سرياني إلى كوخكَ؟
كشيطانٍ متقاعدٍ وثرثار، تقنعها بالانتحار
كي ترثيها في قصيدةِ حبّ
كجوكرٍٍ يتزعَّمُ هزيمةً نكراءَ
تعلنُ ثورةً على الجهاتِ المتحاربة
وثورتين على الجهاتِ المتآكلة
وثلاثًا على شعوبٍ بائدةٍ، من صُلبِ الخرافةِ
تتسابق إلى حتفها، تسابقَ الأنهارِ للموتِ في البحار
والثّورة الرّابعة، تحيلها إلى التّقاعد، قبل إعلانها على نفسكَ
مطحنتكَ القديمة الّتي تسمّيها النّزوات والحماقات
أودت بها عطور النِّساء
ونيران الاشتهاء، وهدّتها عليكَ
ظننتُ أنّك متَّ فيها
أيَّها الملك المُعظَّمُ الذي تصفهُ الكتبُ المقدَّسةُ والكتب المدنَّسة، بالموت
يبدو لي، ما يبدو للنِّسيان أيضًا؛ أنَّكَ ما زلتَ حيًّا
كما يليق بسكّيرٍ عربيدٍ، تقودُ قطارًا بخاريًّا مصابًا بالزَّهاميز إلى مقبرة الكلمات
ما زلت موتًا أليفًا ينمو كعشبٍ أسودَ على ألسنة اللّحظات
ما زلتَ موتًا لزجًا، يرفضُ الإحالة إلى التّقاعد
ينمو كوبرِ الدرَّاق على عاناتِ الشَّاعراتِ، وهنَّ يغتسلنَ منكَ
ترفضُ أن تكبرَ كشجرة، لئلا أقتلكَ في قصيدة بفأسِ الطّيش
ترفضُ أن تكبرَ كسحابةِ، لئلا تدهسكَ سيّارةٌ مسرعةٌ
تقودها مراهقة متهوّرة
***
في سوقِِ الأدواتِ المستعملة
أثناء بحثي عن قلبِ شاعرةٍ عملت نادلةً في بار “سرياني”
ومومس على إحدى البواخر التي تجوب المتوسّط
وراهبةً في دير لطائفة تعبدُ شقائقَ النُّعمان
عثرتُ على خيالِ قاتلٍ محترف
نجحَ في الفرار مِن سبعةِ سجون
نجا من سبعة أحكام بالإعدام
أصيبَ بسبع رصاصاتٍ في قلبهِ، ولم يمت
لم أعثرْ على طلبي، ولم اشترِ ذلك الخيال
غادرتُ السُّوق، وعدت إلى ألبومِ صورٍ قديمةٍ
التهمَ أبيضُها أسودَها
صورٌ جمعتني بذلك القاتل وتلك الشَّاعرة في مكانٍ أجهلهُ ويعرفني
***
ليسَ مِن عاداتي دفنُ الأوطانِ وهي حيَّة
في مقابر جماعيّة، تُدعى؛ دواوين الشِّعر
لا أذكرُ يومًا أنَّني دعوتُ ثورةً إلى مراقصتي
الماخور الذي تسمّونه الحرب
المكاثون فيه أمواتٌ، والهاربون منهُ أيضً
لا أذكرُ أنني عشتُ بينكم
وأذكرُ أنني متُّ كثيرًا، كعشبٍ تدهسهُ الفيلة والأحصنة والبغال
أحنُّ إلى لحظاتِ التّهوّرِ
حين كنتُ حافلةَ “شيفروليه” قديمة
تنقلُ صبايا الثانويّة إلى منازلهن
4/8/2022
أوستند