الوفاء… ظلٌّ لا يَغيب/ رانيا هاني

الوَفاءُ…
أَهُوَ كَلِمَةٌ مِن زَمَنٍ انقَضَى،
أَمْ ظِلُّ قَلْبٍ لَمْ يَعْتَرِفْ بالخُذلانِ؟
كَمْ تَغَنَّتْ بِهِ القَصَائِدُ،
وكَمْ وَشَّحَتْهُ الألْسِنَةُ بالمَدْحِ،
لَكِنْ… حِينَ جَاءَ وَقْتُ الفِعْلِ،
كَمْ مِنْ قَلْبٍ تَخَلَّى، وكَمْ مِنْ عَهْدٍ تَهَاوَى كَأَوْرَاقِ الخَرِيفِ!
الوَفَاءُ لَيْسَ وَعْدًا يُقَالُ،
بَلْ رُوحٌ تُقِيمُ فِي التَّفَاصِيلِ،
فِي الصَّمْتِ حِينَ يَغِيبُ الجَمِيعُ،
فِي الحُضُورِ رَغْمَ الغِيَابِ،
فِي أَنْ تَبْقَى… لَا لِأَنَّكَ مُجْبَرٌ، بَلْ لِأَنَّكَ لَا تَعْرِفُ كَيْفَ تَخُونُ.
يَقُولُونَ: الوَفَاءُ وَهْمٌ!
بَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ لَا يَرَاهَا إِلَّا مَنْ حَمَلَ فِي صَدْرِهِ قَلْبًا نَقِيًّا،
قَلْبًا لَمْ تُلَوِّثْهُ المَصَالِحُ، ولَمْ تُطْفِئْهُ الخَيْبَاتُ.
قَدْ يَرْحَلُ الجَمِيعُ،
لَكِنْ يَظَلُّ الوَفِيُّ مِثْلَ نَجْمٍ ثَابِتٍ فِي سَمَاءٍ مُتَقَلِّبَةٍ،
لَا يُغَيِّرُهُ لَيْلٌ، وَلَا تُطْفِئُهُ العَتَمَةُ.
فَإِنْ وَجَدْتَ مَنْ يَعْرِفُ مَعْنَى الوَفَاءِ،
فَتَمَسَّكْ بِهِ كَأَنَّكَ وَجَدْتَ وَطَنًا فِي غُرْبَةٍ،
وَلَا تَسْأَلْ أَبَدًا إِنْ كَانَ الوَفَاءُ وَهْمًا…
بَلْ كُنْ أَنْتَ دَلِيلَهُ.