محمود درويش
تُنسى، كأنَّكَ لم تَكُنْ
تُنْسَى كمصرع طائرٍ
ككنيسةٍ مهجورةٍ تُنْسَى
كحبّ عابرٍ
وكوردةٍ في الثلجْ …. تُنْسَى
أَنا للطريق…هناك من سَبَقَتْ خُطَاهُ خُطَايَ
مَنْ أَمْلَى رُؤاهُ على رُؤَايَ
هُنَاكَ مَنْ نَثَرَ الكلام على سجيَّتِه ليعبرَ في الحكايةِ
أَو يضيءَ لمن سيأتي بعدَهُ أَثراً غنائياً…وجِرسا
تُنْسَى, كأنك لم تكن شخصاً, ولا نصّاً… وتُنْسَى
أَمشي على هَدْيِ البصيرة
رُبّما أُعطي الحكايةَ سيرةً شخصيَّةً
فالمفرداتُ تقودني وأقودها
أنا شكلها وهي التجلِّي الحُرُّ
لكنْ قيل ما سأقول
يسبقني غدٌ ماضٍ
أَنا مَلِكُ الصدى
لا عَرْشَ لي إلاَّ الهوامش
فالطريقُ هو الطريقةُ
رُبَّما نَسِيَ الأوائلُ وَصْفَ شيء ما
لأوقظَ فيه عاطفةً وحسّا
تُنسَى، كأنِّكَ لم تكن خبراً، ولا أَثراً… وتُنْسى
أَنا للطريق… هناك مَنْ تمشي خُطَاهُ على خُطَايَ
وَمَنْ سيتبعني إلى رؤياي
مَنْ سيقول شعراً في مديح حدائقِ المنفى، أمامَ البيت
حراً من غدي المقسوم
من غيبي ومن دنياي
حراً من عبادَةِ أمسِ، من فردوسيَ الارضي
حراً من كناياتي ومن لغتي
فأشهدُ أَنني
حُرُّ .. و حيُّ
حين أُنْسَى