دون كيشوت:هل لك أن تُعَرّفَ لي الظلامَ ولو بعبارات قصيرة يا سانشو ؟
سانشو: لا يمكنني ذلك يا سيدي الدون.
دون كيشوت:ومتى تتمكن من ذلك أيها العبقري ؟!!
سانشو: متى ما استطعت من محو أميتي يا سيدي الدون.فأنا ما زلت ضريراً بكل ما في الكلمة من معنى.
دون كيشوت:تقول لي ما زلتَ ضريراً .أية حماقة تلك التي تُوقعْ بها نفسك يا سانشو؟!
سانشو:كلُّ جاهل ضريرٌ .
دون كيشوت:ولمَ لا تخصّ عينيك بعمل جراحي ،فتطرد منهما العتمةَ يا سانشو؟
سانشو: المشارطُ لا تقشطُ الظلام عن شاشتي العينين يا سيدي الدون.أدركتُ ذلك بالتجربة.
دون كيشوت:ولكن الروس أثبتوا تصحيح البصر بعمليات التشطيب.ألا تعرف عنهم ذلك ؟
سانشو:ولكنني لست بالماركسي ،لأنجو من ظلام العصر بتقنياتهم الليزرية العالية.
دون كيشوت:ومنْ أراد منك أن تكون شيوعياً يا سانشو ؟!أردناك منتمياً للعصر التقني الجراحي الفاعل ليس إلا .
سانشو:معك حقٌ يا سيدي الدون.فأنا ما زلت أنتمي إلى هذه الدابة فقط .حصاني ضماني .
دون كيشوت:تقول انتمي!! هل بتنا في حزب أو بتنظيم سياسي ؟؟!!
سانشو:أجل .فأنا أعرف حصاني جيداً،وكيف عاد به تفكيرهُ إلى سابق معارك التاريخ الأحمر. بتُ أخشي على نفسي منه .فتفكيره تجاوز مرحلة حرب طواحين الهواء إلى حرب مدافع الفضاء الجبارة،وكأنه يلعب بالأرض كما الدمى بتلك الخيوط؟؟
دون كيشوت:لا تأخذكنّ أفكارُك إلى البعيد يا سانشو ،حتى وأن أصبحنا على أعتاب طواحين جديدة ،قد تختصُّ بطحن دول بعينها.
سانشو: الحرب القادمة يا سيدي الدون ،ستصبغُ السموات بالدهان الأرجواني.ألا يعجبك ذلك اللون القادم من اوكرانيا مثلاً ؟
دون كيشوت:اللعنة عليك يا سانشو.فكل هذه التمارين الذهنية التي تدورُ برأسك،لم تعد تقنعني بعدم الولاء للشيوعية الجديدة التي لم يعد شعارها المنجل والشاكوش .
سانشو:لا تتعب نفسك بالتفكير العميق يا سيدي الدون.فكل ما نحن بصدده،ليس إلا انعكاساً لرغبتنا بالتخلص من الظلام ومن مصانعهِ الموجودة هنا وهناك.
دون كيشوت:تعال نغادر هذا المكان يا سانشو ،ونفتش عن حانة نزيحُ فيها بعضاً من كهولتنا .
سانشو:وهو كذلك يا سيدي الدون،على الرغم من أن الفرار من الظلام، لا يخلق شمساً أبداً .