إِهْدَاءٌ:
إِلَى ذَاكَ الْغَائِبِ الْحَاضِرِ فِي كُلِّ نَبْضَةٍ…
إِلَى مَنْ تَرَكَ صَوْتَهُ عَالِقًا فِي الذَّاكِرَةِ وَيَدَهُ الْمَمْدُودَةَ فِي أَحْلَامِ الْوَحْدَةِ
أَكْتُبُنِي مِنْ رَمَادِي
رُوحِيَ الْحَزِينَةُ تَرْسُمُ الْأَلَمَ فِي مَآقِيَّ
تَتَوَهَّجُ الْكَلِمَاتُ كَالْجَمْرِ
وَجُرَاحِي تَنْزِفُ فِي صَمْتِ الذَّاكِرَةِ
كَأَنَّهَا نَهْرُ دُمُوعٍ يَتَفَجَّرُ فِي لَيَالِي الْوَحْدَةِ
وَابْتِسَامَةٌ مُؤَجَّلَةٌ، تَسْكُنُ أُفُقًا لَمْ يُشْرِقْ بَعْدُ
لِمَاذَا تُهْمِلُنِي؟
وَقَلْبِي لَا يَزَالُ يَتَرَقَّبُ حُبَّكَ الْحَقِيقِيَّ
كِطَائِرٍ تَائِهٍ يَبْحَثُ عَنْ سَمَاءٍ تُؤْوِيهِ
أَنَا وَطَنُكَ إِنْ أَرَدْتَ
لَكِنِّي مُحَاصَرَةٌ بِوَحْدَةٍ لَا تَنْكَسِرُ
أَبْحَرُ فِي ظُلُمَاتٍ غَائِرَةٍ
أَبْحَثُ عَنْ شَاطِئٍ يُحْتَوِينِي
عَنْ حِضْنٍ لَا يَخُونُ
نَارُ الْحَنِينِ تَتَّقِدُ فِي قَلْبِي
وَوَرْدَةٌ تَأَلَّمَتْ بِصَمْتٍ
كِزَهْرَةٍ شِتَائِيَّةٍ تَفْتَشُ عَنْ دِفْءٍ ضَائِعٍ
هِيَ لَا تَحْتَاجُ سِوَى عِنَايَتِكَ
حُبِّكَ الَّذِي يُرَمِّمُ شُرُوخِي
وَيُعِيدُنِي مِنْ رَمَادِ الْوَجَعِ إِلَى الْحَيَاةِ
أَمْشِي عَلَى جِرَاحٍ نَازِفَةٍ
أَتَعَثَّرُ بِشَوْقٍ لَا يَهْدَأُ
أَفْتَشُ عَنْ يَدِكَ، عَنْ لَمْسَتِكَ
عَنْكَ حِينَ كُنْتَ وَطَنَ الدِّفْءِ
أَنَا الْقَصِيدَةُ الَّتِي لَا تَنْبُضُ إِلَّا حِينَ تَقْرَأُهَا
أَنَا الصَّرْخَةُ الَّتِي يَبْتَلِعُهَا صَمْتُ الْقُلُوبِ الْخَاوِيَةِ
امْرَأَةٌ مِنْ نُورٍ وَهَاجٍ مِنْ نُجُومٍ
تَفْتَشُ عَنْ مَدَارِكَ تَحْتَاجُ حُبَّكَ
لِتُنِيرَ بِهِ لَيَالِيهَا
وَتُوقِدَ الشُّمُوعَ الَّتِي أَطْفَأَهَا الْغِيَابُ
وَمَعَ كُلِّ هَذَا الِانْطِفَاءِ
لَا زِلْتُ أُؤْمِنُ بِأَنَّ النُّورَ سَيُولَدُ مِنْ عِتَمَتِي
وَأَنَّكَ، إِنْ عُدْتَ
سَتَجِدُ قَلْبِي كَمَا تَرَكْتَهُ
يَنْبِضُ بِاسْمِكَ بَيْنَ الرَّمَادِ
فَأَنَا لَمْ أَمُتْ…
أَنَا فَقَطْ اخْتَبَأْتُ فِي صَمْتِي
أَنْتَظِرُ لَحْظَةَ الْحَيَاةِ
حِينَ تَهْمِسُ لِي: قَدْ عُدْت
مريم حسين ابوزيد