ما الذي يُلفتك، قبل كل شيء، في شخصٍ تقابله أولّ مرة؟ نظرة عينيه؟ ملامح وجهه؟ حركة يديه؟ طريقته في التحدّث؟ أم كلّ هذه الأمور مجتمعة، وسواها ممّا يندرج في خانة ما يُطلق عليها «لغة الجسد»؟
تختلف الإجابة، بين شخص وآخر، عن الأسئلة أعلاه، تبعاً للزاوية التي يرى الواحد منّا فيها الآخر، بخاصة إذا كان الآخر شخصاً جديداً نلتقيه أولّ مرة. والأمر هنا يحتمل النقيضين، بمعنى أنّ ما يلفت نظرك في حركات جسد أحدهم، قد يكون إيجابياً يثير الراحة والاستلطاف، وقد يكون العكس، حيث يبدو هذا الشخص في عينيك مثيراً للنفور، ما قد يُقيم بينك وبينه حاجزاً، لا سبيل إلى تجاوزه.
المسألة، إذن، هي في الانطباع الأول، الذي ما أكثر ما يصدق، ولا يُخيّب صاحبه، فالشخص الذي لا تستلطفه الروح من أولّ مرة، قد لا تستلطفه أبداً، رغم أنه يحدث العكس في بعض الحالات، حين لا نشعر بأي قرابة تجاه شخص ما، في أولّ لقاء، أو في بداية التعرف إليه، لسببٍ من الأسباب، لكن بمرور الوقت يتبدّد هذا الانطباع، وتنشأ بينك وبينه الود.
مسألة الانطباع الذي يتكوّن عن الواحد منّا لدى الآخرين، باتت محل دراسة وتوجيه، حيث ما من أحد يريد ألّا يكون محبوباً وجذّاباً للآخرين، ومن أجل ذلك، يجب تعلّم فنون لغة الجسد، لتخلق الانطباع الإيجابي لدى من تجعلك الحياة في تماسٍ معهم، أكان التماساً عاطفياً، أم مهنياً، أو في سفر مشترك، حيث لا يتوقف الأمر على التواصل اللفظي وحده، وإنما يشمل أيضاً، وبدرجة لا تقلّ، الاتصال غير اللفظي المندرج في لغة الجسد.
الموقع الإلكتروني الألماني fit for fun يقدّم لنا نصائح لتحسين لغة الجسد، تبدأ بتعابير الوجه، فحين تكون هذه التعابير مبالغاً فيها، فإنها تقلق الآخر، ومن ذلك «العبوس، أو تحريك العين بسرعة، وبشكل دائم»، على الرغم من أنّ ذلك قد يكون عفويّاً، ومن غير قصد، وفي حال استعصى علينا التحكم في تعبيرات الوجه، ينصحنا الموقع إيّاه: «فهي تبدو محبّبة أكثر».
النصيحة الثانية تتصل بنظرة العين. العين وما أدراك ما العين، «وتعطّلت لغة الكلام، وخاطبت عينيّ في لغة الهوى عيناك»، لذا نجد الإنسان غير الصادق لا ينظر مباشرة في عين مقابله، كما أن تجنب الاتصال بالعين يمكن أن يكون علامة على عدم الثقة بالنفس، أو عدم الاهتمام بالآخر، أو بحديثه. لذا، إذا كنت تستمع إلى الشخص الذي تتحدث إليه، أو كان لديك ما تقوله، فلا تنظر حولك، وإنما وجّه نظرك نحوه هو بالذات.
تتفاوت المسافة بين شخصين متكلّمَين لدى المجتمعات المختلفة. مُعلّمة لغة أجنبية لفتت نظري، قبل سنوات طوال، إلى أنّها لاحظت أن طلَبَتها من بعض البلدان الإفريقية، يميلون إلى الاقتراب الشديد ممّن يحدثونه، وهذا أمر غير معتاد في مجتمعها هي، لذلك نجد بين النصائح نصيحة تدعونا إلى ألّا نقترب كثيراً من محدّثنا، فذلك قد يجعله غير مرتاح. «المحافظة على مسافة مناسبة تظهر أنك تحترم الشخص الآخر. أحياناً قد يفهم الآخر الاقتراب منه جسدياً على أنه تهديد».
ثمّة نصيحة أخرى، تنطلق من أن تكتيف الذراعين ووضعهما فوق الصدر، يخلق حاجزاً بينك وبين الشخص الذي تتحدّث إليه، فتبدو أمامه منغلقاً على الذات، لذا تحاشَ أن تكتف ذراعيك، وأنت تحدّث أحدهم، بخاصة إذا كنت تلتقيه أولّ مرة.