بقلم فاطمة قبيسي
لبنان مهد الأبجدية الفينيقية، حروف أوجدت أبجديات شعوب البحر المتوسط ، ودائمًا كان لبنان المركز الثقافيّ المهمّ ، فالثقافة هي عملية إبداع تعني نتاجات الشعر والأدب والرسم والنحت والمسرح والموسيقا والسينما والعمارة وكلّ أنواع الفنون
كلّنا نعلم سبب هجرة الأغلبية اللبنانية وظروف الحرب والفقر والفساد إلى عالم الغربة ، والغربة أرض من جمر، ألم يكبر ويكبر، معاناة وتجارب قاسية، ليست بهينة مغادرة أرض الوطن، مغادرة النسيج الاجتماعي والفكريّ، هي غربة الإنسان عن وطنه وملاعب طفولته ، ومراتع ذكرياته ، والغربة ليست فقط المسافة التي تبعد بين الأشخاص بل هي البعد الروحيّ والنفسيّ والاجتماعيّ
هذا كان حال الصديقة المبدعة إخلاص فرنسيس عندما تراكمت الأفكار في داخلها، الأفكار التي بدأت في تجسيدها بالكتابة شعرًا ونثرًا، وكانت بداية العودة إلى أرض الوطن من الباب الكبير، باب الفنّ والأدب، وكانت رواية “رغبات مهشّمة” التي تجعلك ترى نفسك في بعض تفاصيلها
رواية بها عادت تتنشق نسيم القرى، وترتشف عبق الحبّ في ربوع الطبيعة اللبنانية
الرواية عندما تكتبها امرأة تكون التساؤلات حولها كبيرة، فالبعض لايؤمن بخيال المرأة الواسع، ولايصدق أنّها تستطيع أن تخرج من داخلها، لتدخل في ذوات الآخرين، وتكتب عنها، ففي الرواية استعرضت الكاتبة مشكلة أساسية في المجتمعات العربية، وهي مشكلة الزواج غير المتوافق الذي يجعل من الحياة سفينة في البحر يقودها غيرها إلى التهلكة أو إلى المجهول
إنّه عالم القهر للمرأة في المجتمعات العربية، المجتمع الذكوريّ المدعوم بقوة العادات والتقاليد البالية التي اكل الدهر عليها وشرب، لكن للحبّ دائمًا كلمة أخرى برأي الروائية إخلاص فرنسيس
“رغبات مهشمة” هي صوت الإنسان المقموع المحروم من حصته من ضوء الشمس
هي الرواية التي تقول: لا في وجه الظلم والظلام، وهي التي تؤجّج أسئلة الشكّ، لتحرق كلّ اليقينيات التي يتمترس خلفها المجتمع البطريركيّ التوليتاريّ بكلّ ما يحمل من ديكتاتورية معادية للإنسان عامة
إنّها رواية الحرية ضد العبودية التي تفتك بروح الإنسان عامة والمرأة خاصة