رواية المقامر لدوستو يفسكي :

هذه الرواية التي شهدت اقبالاً فاق جميع ما كان قد نشره دوستو يفسكي ، الذي قام بإملاء أحداثها وما تناولته من مشاهد على سكرتيرته فأبطالها وهو البطل الرئيس فيها لأنها اذ يمثل في الرواية ما كان قد عاشه وهي ثمرة تجاربه في الحياة ،من أجل ذلك أنت نابضة بالحياة .
ونجد في هذه الرواية العصاب الذي ينتاب بطلها ألكسي إيفانوفيتش الذي وقع ضحية حبه العاصف والجامح أولاً “لباولين ” القاسية وصعبة المراس وثانيا لحبه الجارف للعبة الروليت .
إن حبه لباولين كناية عن تناقض في ما بين الإستسلام وميل نحو الهروب ، فهو يريد أن يعيش تجربته في العشق ،لأنه وقع أسير حبه لباولين ،فهو يقر ويعترف بالمذلة الناتجة عن حبه الذي ما يكاد يقبل هوى من يحب حتى يفر لانه واقع تحت تأثير عبودية المقامرة المفتتن به بحسب اعترافات دوستو يفسكي ،ليكتشف لاحقاً عبر بطله ،انه جموح وهذيان فتمكن من التخلي عنه لما ألحق به من هذيان وفساد .ويرى الدكتور هشام بزي في قراءته ومعاينته لحالة المقامر ،اذ كتب معلقاً :
” لقد ربحت في خمس دقايق ٤٠٠قطعة من الذهب وكان علي ان اترك ماءدة القمار ولكن شعورا غريبا بان اتحدى القدر غمرني وكأني قد أردت ان اصفع القدرعلى وجهه ” ديستوفسكي
غني عن البيان ان من تلقى الصفعة هو ديستوفسكي نفسه عندما خسر ما كسب وما كان يملك ان رموز القدر والحظ تثير في ذهن المقامر صورة الأب وسلطته عصيان الأب والسخرية منه أمور تثير الشعور بالذنب والرغبة بالعقاب وبالتالي الخساره ،المقامر يلعب ليخسر .
للمقامرة إديه وسيلة لتخفيف الشعور بالذنب
يقول ديستوفسكي في روايته المقامر ” اقسم ان الشره للمال لا شان له عندي باللعب على رغم ان. الله يعلم انني بحاجةالى المال
ويرى التحليل النفسي بحسب الدكتور هشام بزي ؛ان الهدف من المقامرة هو تضميد الجراح والصراعات النفسية والهروب الموقت من الديناميات التي تهدد كيان الذات لذا تصبح المقامرة مصدرا للجذب مهما كانت نتاءجها ربحا او خسارة فكسب المال عامل من الدرجة الثانيةلدى المقامر
اذا كان وايلدمان يرى ان المقامرة صراع ودفاع بالصراع ضد الصراع فان فرويد يرى ان المقامرة وسيلة لحل الصراعات خاصة الصراعات الوالدية او ما ينوب عنها من الرموز. التي قد تتشكل على هيئة آلهة او امرأة. لعوب تجلب الحظ تعمل بمنزلة الممثل البديل للام
يعتبر فرويد ان المقامرة ادمان مثل المخدرات والكحول لكنه يرى انها ادمان ثانوي تظهر أعراضه ضمن ادمان أولي متمثل في العادة السرية”
ويقول أشرف عبدالله الضباعين كاتب وروائي من الأردن :”خطرت على بال دوستويفسكي أثناء رحلته إلى باريس، وهذه الرواية كُتبت على عجل، أملاها كاتبنا على سكرتيرته في ظرف خمس وعشرين يوما، بعد تهديدات الناشر الجشع ستيلوفسكي له بخسارة كل مؤلفاته السابقة واللاحقة بموجب عقدٍ ألزم فيه الناشر المذكور دوستوفيسكي بأن يقدم للناشر بتاريخ محدد رواية من القطع الكبير، ورغم الاستعجال في كتابتها إلا أنها رواية جميلة مع أن الكثير من النقاد اعتبروها الأسوأ بين روايات دوستويفسكي واتفق معهم بهذه النتيجة” .
أماد.نيكولاي دوبروليوبوف ناقدٌ أدبي روسيّ وصحفي وشاعر وثوري ديمقراطي، انتقد ديستوفيسكي كثيرًا في مقال نشر له عام 1861 بعنوان “الأشخاص المضطهدون” ، كتب أن “دوستويفسكي يدرس الواقع الضعيف ويعبر عن إنساني الأفكار”، إلا أنه أشاد به لتصويره الطبيعة البشرية وإخراج النفوس في وسط العمق بعد أن تم حبسها. المذهب الأدبي للرواية تفرد دوستوفيسكي في كتاباته، فكأنما خلق مذهب وجودي خاص به، وهذا المذهب إنما هو خليط متجانس بين الواقعية والنص الديني، والنقاش الفلسفي، والعرض الساخر، الذي أعطى صورة عن الحياة من خلال دعوته للاصلاح الاجتماعي، ومع دخول الفلسفة الاشتراكية ثم الرمزية، يشتبك دوستويفسكي مع الإشكالات الفلسفية والاجتماعية العميقة بأدوات رواية المغامرات، كوسيلة لاختبار الفكرة وتعريضها لأقصى احتمالاتهاالأسلوب في الرواية كلاسيكي، إلا أنه حماسي في ذات الوقت، فكلما تعمق القارىء فيها، كلما جُذب إلى معرفة الأحداث التي ستحصل تاليًا، والوصف الذي يقدمه الكاتب عن مشاعر بطل الرواية أثناء مغامرته في المقامرة هو وصف دقيق للمشاعر التي يمكن أن تنتاب أي مدمن، كذلك كان تصوير دستو فسكي للعواطف للشخصيات المختلفة يبدو فريدًا، كما أنه برع في وصف تطور الشخصيات على مدار الرواية، من منظوره الخاص، لكن إيقاع الأحداث في الرواية بطيء في معظم الأحيان الاستعارة والصور الفنية لرواية المقامر استخدم ديستوفيسكي الاستعارة والصور الفنية في مواقع عدة، أهمها استخدامه لعبة الروليت كرمز رئيسي لـ “المقامر”، فاللعبة في الواقع هي رمز للحياة والقدر، يمكنها أن تدمر حياة شخص ما تمامًا، وتنزع راحة البال وتسبب العديد من المشاكل والديون، ولكن إذا كان الشخص محظوظًا ، فإن لعبة الروليت تمنحه حياة فاخرة، وفي هذه الرواية، وترتبط رمزية لعبة الروليت ارتباطًا وثيقًا باستغلال الفرص، ويوضح أيضا أن الفرصة لا يمكن الاعتماد عليها، وقد تم إثبات ذلك في مثال الشخصية الرئيسية، فهي لم تجلب ثروة لألكسيس. الحوار والسرد في رواية المقامر ورد في الرواية حوارات كثيرة، منها ما هو مونولوج، يتحدث فيها البطل مع نفسه فيقول: ” أنا امرؤ ضاع وكفى! إن وضعي لا يمكن أن يشبه بأي وضع البتة، ولن أتحدث الآن حديث الواعظ الناصح، فلا شيء أسخف من النصح والوعظ في لحظة كاللحظة التي أعيشها الآن! آه من أولئك الراضين عن أنفسهم! آه من ذلك الزهو المغرور الذي يصاحب كلام أولئك الثرثارين حين يأخذون يطلقون نصائحهم ومواعظهم وعباراتهم المأثورة! لو علموا مدى شعوري بما تتصف به حالتي الراهنة من ترد وسوء، لأصبحوا عاجزين عن العثور على كلمات يستعملونها في إسداء النصح و الموعظة وإلقاء الدرس، وهل في وسعهم أن يقولوا لي أي شيء جديد لا أعرفه من قبل”.ومنها ما هو دايالوج، أي حواراً بين شخصين، ومن الأمثلة على الدايالوج حديث الكسيس إيفانوفيتش مع بولينا حيث قال لها: “وبما أني فقدت كل أمل، وبما أني مجرد صفر في نظرك، أستطيع أن أتكلّم بكل صراحة: إنني لا أرى في هذا العالم إلا أنت، وكل ماعداك لا يهمني في شيء. وحين أسأل نفسي: لماذا أحبك وكيف أحبك لا أحصل على أي جواب”، وحديثه مخاطباً الجنرال والفرنسي لستفزهما: “إني لأوثر طوال حياتي أن أعيش حياة بداوة مترحلة في خيمة من خيام الكرخيز على أن أعبد معبود الألمان”

شخصيات رواية المقامر
يُركز ديستوفيسكي في رواية المقامر على شخصيات الطبقة البرجوازية التي مجمل اهتمامهم هو المال والمنصب والمكانة الاجتماعية، وهم من جنسيات مختلفة، من روسيا وألمانيا وفرنسا وإنجلترا، إلا أنه يجمعهم هدف مشترك، وهو الحصول على الأموال من الجدة.الكسيس إيفانوفيتش: هو بطل الرواية، وراويها، شاب روسي في مقتبل العمر، جامعي، قوي الشخصية، يعمل لدى الجنرال مدرساً لأبنائه، ويقع في حب ابنته بولينا، وهو في حيرة دائمة عما تكنه له بولينا من مشاعر، وهو معتد بنفسه ولا يطمع في المال بعكس باقي الشخصيات، إلا أنه يرتاد نوادي القمار للعب الروليت. أنتونيدا فاسيليفنا تاراسيفيتشا: عمة الجنرال، تسمى لا بابولينكا الجدة، سيدة غنية، تبلغ من العمر خمسة وسبعين عامًا، مالكة أرض في موسكو، مرحة، راضية عن نفسها، تصرخ بصوت عالٍ وبقوة وتقوم بتوبيخ الجميع، وتحب لعبة الروليت. السيد آستلي: رجل إنجليزي، وهو ابن شقيق اللورد بيبروك، يلعب دورًا ثابتًا في التأثير على أليكسي إيفانوفيتش، وهو أغنى بكثير من دي جريوكس. الجنرال: شخص روسي يعاني ضائقة مادية، أرمل عمره 55 عامًا، ويتعلق قلبه بالآنسة بلانش، ويتمنى موت عمته (الجدة) لينال من ثروتها، ويتصرف بخضوع مع ماركيز دي جرييو، لأن الأخير عوض نقصًا في الأموال العامة، كان على الجنرال تغطيته قبل أن يتمكن من تسليم منصبه الحكومي. بولينا الكسندروفنا براسكوفيا: آنسة روسية، يقع في حبها الكسيس إيفانوفيتش، وهي ابنة زوجة الجنرال من زواج سابق، وهي لا تعبر لالكسيس إيفانوفيتش بشكل واضح عن مشاعرها، وكأنما تتلاعب بمشاعره وأفكاره. ماريا فيليبوفنا: هي أخت الجنرال. ماركيز دي جريوكس: رجل فرنسي صغير، شخصيته غامضة، متشوق لأن يقوم الجنرال بالحصول على ميراثه، ليتمكن سداد دي غريوكس دينه. الآنسة بلانش: آنسة فرنسة نبيلة، تتعلق بالجنرال وتوافق أن تكون خطيبته طمعا في المال، عمرها حوالي 25 عاما، طويلة ولها أكتاف رشيقة وشعرها أسود. البارونة ورمرهيلم: زوجة البارون، قصيرة وسمينة بشكل غير عادي، لها ذقن سمين ومتدلي بحيث لا يمكن رؤية رقبتها على الإطلاق، وجهها أرجواني وعيونها صغيرة شريرة ووقحة، تمشي كما لو أنها تشرّف الجميع. البارون ورمرهيلم: شخصية مرموقة في المجتمع الألماني، طويل، وجهه مغطى بآلاف التجاعيد الصغيرة، يرتدي نظارة طبية وعمره خمسة وأربعون سنة، وهو أخرق قليلا. بوتابيات: خادم الجدة مارفا: خادمة الجدة، عزباء تبلغ من العمر أربعين عامًا ،ذات خدود حمراء ولكنها في الرواية بدأت بالتحول إلى اللون الرمادي مدام دي كومينجز: لا حوار لها في الرواية، ويفترض أنها والدة الآنسة بلانش، ويطلق عليها الخدم اسم مدام لا كومتيس الأمير الصغير: لا حوار له في الرواية، وهو يرافق الآنسة بلانش فيدوسجا: مربية الجنرال الأمير نيلسكي: لا حوار له في الرواية ألبيرت: لا حوار له في الرواية، وهو ضابط جيش في باريس ،عاشق لبلانش آراء النقاد حول رواية المقامر أشرف عبدالله الضباعين كاتب وروائي من الأردن يقول :”خطرت على بال دوستويفسكي أثناء رحلته إلى باريس، وهذه الرواية كُتبت على عجل، أملاها كاتبنا على سكرتيرته في ظرف خمس وعشرين يوما، بعد تهديدات الناشر الجشع ستيلوفسكي له بخسارة كل مؤلفاته السابقة واللاحقة بموجب عقدٍ ألزم فيه الناشر المذكور دوستوفيسكي بأن يقدم للناشر بتاريخ محدد رواية من القطع الكبير، ورغم الاستعجال في كتابتها إلا أنها رواية جميلة مع أن الكثير من النقاد اعتبروها الأسوأ بين روايات دوستويفسكي واتفق معهم بهذه النتيجة” الدكتورة دينا محمد عبده الأستاذة بكلية الألسن، أشارت في ندوة فيودور دستويفسكي.. إطلالة على الفكر والأدب التي عقدها مركز القاهرة للدراسات الاستراتيجية في مصر، أن رواية “المقامر” كانت رواية معبرة عن فترة حياة دوستويفسكى فى أوروبا، وهى فترة التحرر لديه سواء على المستوى الدينى أو السياسى والفكرى، وقالت: “إن النقاد اتفقوا أن رواياته (الجريمة والعقاب، الشيطان، المقامر، الأخوة كرامازوف) هي أعظم أعماله الروائية على الإطلاق”نيكولاي دوبروليوبوف ناقدٌ أدبي روسيّ وصحفي وشاعر وثوري ديمقراطي، انتقد ديستوفيسكي كثيرًا في مقال نشر له عام 1861 بعنوان “الأشخاص المضطهدون” ، كتب أن “دوستويفسكي يدرس الواقع الضعيف ويعبر عن إنساني الأفكار”، إلا أنه أشاد به لتصويره الطبيعة البشرية وإخراج النفوس في وسط العمق بعد أن تم حبسها. المذهب الأدبي للرواية تفرد ديستوفيسكي في كتاباته، فكأنما خلق مذهب وجودي خاص به، وهذا المذهب إنما هو خليط متجانس بين الواقعية والنص الديني، والنقاش الفلسفي، والعرض الساخر، الذي أعطى صورة عن الحياة من خلال دعوته للاصلاح الاجتماعي، ومع دخول الفلسفة الاشتراكية ثم الرمزية، يشتبك دوستويفسكي مع الإشكالات الفلسفية والاجتماعية العميقة بأدوات رواية المغامرات، كوسيلة لاختبار الفكرة وتعريضها لأقصى احتمالاتها.
الخلاصة
رواية المقامر للأديب الروسي الكبير والعالمي دوستوفيسكي غلب عليها لتحليل النفسي، وهذه الرواية كناية عن سيرة شاب روسي الذي تعرف على فتاة أرستقراطية، ووقع أسير حب سري لها
أما شخصيات الرواية الكثر ومن جنسيات مختلفة وفي هذه الرواية غاص دوستوفيسكي في أعماق النفس البشرية ،اذتمكن من الولوج الى أعماقها مكتشفاً نوازعها وخلجانها وما ترغبه وتشتهيه ،وتوقف عند المشاعر السلبية المتمكنة من النفس الانسانية ممثلة بأشخاصها.
ويشير موضحاً الى حالات ومكامن السقوط من قبل المدمن على القمار ،الذي يقع حبيس نوادي القمار ،مركزاً على لعبة الروليت التي يعشقها المواطن الروسي .