سباق الأيام
مخيفة هي سرعة الأيام ، قطار العمر يجري ، يتجاوز محطاته بسرعة شديدة ، لا يتوقف ، كأنه لا يريد أن يصل إلى محطة الزمن الأخيرة متأخراً عن موعده ثانية واحدة . الأيام في سباق ماراتوني بلا توقف وكأنها هي أيضا في سباق مع الزمن نحو المحطة الأخيرة لتلحق بتوأم روحها .. العمر
السنين تحولت إلى أرقام ندونها في مذكراتنا ونزين بها بطاقات أعياد ميلادنا فرحين ، مهللين ، مهنئين قبل أن تتساقط هي الأخرى الواحدة تلو الأخرى في سلة الزمن لكي يصطحبها العمر معه ويلقيها في المحطة الأخيرة . الكل يركض ، العمر يركض ، الأيام تركض ، السنين تركض ، حتى المستقبل هو أيضا يركض
إلا نحن … مازلنا كما نحن ، لا نتحرك ساكنا ، لا نخرج من دائرة الراحة وصندوق الأحلام وذكريات الماضي البعيد والقريب ، ربما لأنها تريحنا من عذاب الركض ، لياقتنا البدنية والعقليه لا تسمح لنا بذلك ! أو ربما يزعجنا التفكير في الوصول إلى المحطة الأخيرة ! . أحلامنا مازالت راكدة كما هي ، لم تغادر فراشنا في ليالي شتائنا البارد تحت أغطيتنا الدافئة ، نتركها في سباتها العميق تنعم بالدفئ ثم تنهض أجسادنا المنهكة صباحا لكي نحتضن ذكريات الماضي ، نهيم فيه ، نغوص في خياله ، نتذكر أيامه ولياليه نكتب عنه الأشعار ، نتألم لألمه ، نفرح لفرحه نبتسم ثم نحزن ، ثم نبتسم ثم نحزن ، لكي نملأ قلوبنا الفارغة الظمأى للحب والحياة ولكن من غير جدوى … هذا كل شئ
نحن ، لا ندرك أن تلك الأيام والسنين الخوالي قد تجاوزتنا هي أيضا وسابقت الزمن وتركتنا نهيم على وجوهنا ندور حول أنفسنا في دوامة وغيبوبة تامة
بعد ذلك نعود ليلا مرة أخرى إلى فراشنا لكي نحتضن أحلامنا الدافئة ، وننام غير مدركين أن هناك الغد فيه مستقبل لن ينتظرنا طويلا ، هو أيضا في سباق مع الزمن لكي يلحق بالماضي وينال شرف تذكرك له في اليوم التالي والتحسر عليه والتغزل فيه والبكاء على أطلاله ولكن ، بعد فوات الأوان ، حينها يكون قد وصل عمرك مصطحبا معه كل ذكرياتك الغابرة وسلة أيامك وسنينك لتلقي بها في محطة الزمن الأخيرة وتتركك وحيدا جسدا بلا روح
بقلمي ✍🏻