اخلاص فرنسيس
تحت إلحاح صديقي الأمل، ورغبته في أن أخرج إلى أحضان الطبيعة حتى ولو في عزّ برد شباط، لكنّه وجد عذرًا معقولًا إذ إنّ الطقس في سان دياغو ربيعي، والجو دافئ، فلا حجّة لك. قال اخرجي لتنشّق الهواء النقي، والتمتّع برؤية الشجر والحجر، وسماع العصافير والصراصير، ولا مانع لو دست على أفعى، وأنت منهمكة في كتابة القصة، لتدخلي عنصر المفاجأة والتشويق، وضحك ضحكة رقيعة. عرفت الآن أنّ الأمل أنانيّ، يريد منّي الخروج كي يستأنس
يا لسذاجتي، أدعه يقودني من جديد مذعنة منقادة مدهوشة من حجّته في إقناعي. كان الطقس جميلاً كما أراده، وكانت أصوات الصراصير البرية تتناهى إلينا من الوادي، نسيت أن أجلب معي العصا تحسّباً لأيّ أفعى أقضي عليها قبل أن تلتفّ رجلي حول كاحلي. قاطعني خلخال طبيعي، وقلة من ينال هذا الشرف الأمل
هل لي صديق صدوق غيره؟ ألا تراهنيني أنّك تستمتعين بمرافقتي أكثر منّي؟ مشاكس يتبعني مثل ظلّي، يشير إلى كلّ حصاة تئنّ تحت قدمي، فتصيح ضحية أخرى ثمّ يشير إلى صدفة في أعلى الجبّ، تلتصق بالوريقات الخضر التصاق العشاق، وإلى جانبها نبتة صبير برّي تفتح ذراعيها كي تستقبلها حين تكسر الريح الغصن اليابس، فتهوي. صورة أخرى التقطي، صورة أخرى هي الصور التي تبقى. التقطت الصورة المطلوبة، ليتني أستطيع أن ألتقط صوراً للريح وعطر الياسمين البري، وأخزّنها في ذاكرة التلفون
نظر إليّ بحزن، لقد قضت عليكم التكنولوجيا، وأهملتم الذاكرة الطبيعية، لقد كانت رائحة الياسمين البري قويّة، وكان النسيم بارداً يلسع أنفي
ابتسم الأمل في وجهي وكأنّه قرأ الغيم الرمادي في عيني، والكلمات التي توقّفت على شفتي، والاسم المكتوب على أطراف أناملي، وتغلغل في صدري متمتماً بكلّ أنانية: أحبّك