أنا باختصارٍ شديدٍ أنا،
لا دَمِي كانَ نهرًا،
ولا ريشةً في جناحِ الطيورِ يَدِي
ولَم أمْتَحِنْهُ،
ولَم يَمْتَحِني غَدِي
ولستُ بِمُنْتَظِرٍ أيَّ شَيْءٍ،
أنا موعدي
تَمَشَّى بيَ الزمنُ الكَهْلُ حتى تَدَاعَى
فما أشبهَ الْيَوْمَ بالبارحةْ
نوافذُ من تعبٍ أغلَقَتْ ضفتيها
وعاطفةٌ مالحةْ
على كلِّ حالٍ
خرجتُ من الذكرياتِ بقلبٍ سليم
فلا رعشةٌ من زمانِ الأصابعِ فوقَ يَدَيّْ
ولا شعرةٌ فَوْقَ أيِّ قميصٍ تدلُّ عليّْ
ولا رائحةْ
بريءَ المناديلِ من دمعةٍ جارحةْ
تَعَلَّمتُ كيفَ أحبُّ، وكيفَ أغنِّي…
وكيف أودِّعُ سيِّدَةً في الطريقِ إلى غَدِها،
ثم أَنسى…
وكيفَ إذا صالحتني خطايَ على شارعٍ
أقتفيهِ، وأمضي
وأعرفُ عن لافتاتِ البلادِ،
وعن عجلاتِ القطاراتِ،
ما أكتفي في البكاءِ به يا صديقي
وأعرفُ وجهَ عَدُوِّي
وأعرفُ موضعَ طعنتِهِ الآتيةْ
أنا بائسٌ
مثلُ صفصافةٍ حَوَّلَ النهرُ مجراهُ عنها
بسيطٌ كقطرةِ ماءٍ
يناوِلُها النهرُ للساقيةْ
وحيدٌ
كأنَّ الزمانَ انتهى،
والنجومُ البعيدةُ يُوشكُ أن تَتَشظَّى
ويُوشكُ أن تلدَ الأرضُ نيرانَها الحاميةْ
وحيدٌ
وَلَيْسَ على أحدٍ من قَبيلِ المحبَّةِ
أن يتذكَّرَ وجهي،
وليس على أصدقائي سوى أن يغيبوا،
لكيلا أفكرَ فيهم!
تركتُ حنيني لذئبٍ جريحٍ
على الضفةِ الثانيةْ
ونِمْتُ خَلِىَّ المواعيدِ في اللحظةِ الخاليةْ
وكم كنتُ أحلمُ -لو لمْ أَصِرْ نطفةً-
أنْ أصيرَ بيوتًا من الطينِ في قريةٍ نائيةْ
يَدًا في يَدٍ،
لا عصًا تنهرُ الماشيةْ
وكنتُ اجتهدتُ كثيرًا
لكيلا يشقَّ النشيدُ فمي للغناءِ
بسكِّينهِ القاسيةْ
لقد أَخْطَأَتْ دَوْرَها في السلالةِ روحي؛
إذن سوفَ أمضي
كما اتفقَ السيرُ والهاويةْ.
——-
ديوان “قيلولة الراعي”