د. حسن مدن ل صحيفة الخليج
بالمقارنة مع ما كانت عليه الحال قبل عقود قليلة، أو حتى سنوات، هل يمكن القول إننا ما زلنا نلتقي بأصدقائنا؟ وربما للمزيد من الدقة علينا أن نصوغ السؤال بالشكل التالي: هل ما زلنا نخصص في أجندتنا الأسبوعية، كي لا نقول اليومية، أوقاتاً للقاء بهم كما كنا نفعل في السابق، أم ترانا سنلاحظ أن أوقات هذه اللقاءات قد تقلصت أو قلّت قياساً إلى ما كانت عليه؟
الملاحظ أن هذا التقلص في أوقات لقاء الأصدقاء ومسامرتهم لا يعود، بالضرورة، إلى مشاعر جفاء نشأت بيننا وبينهم أو ببعضهم، فما زالت روح الصداقة ومشاعرها تجاههم عامرة في دواخلنا، ولكن الرغبة في اللقاءات لم تعد بالقوة نفسها لأن الأمر يتصل بزيادة مشاغلنا، بصرف النظر عن مدى جدية هذه المشاغل
إن أنظمة العمل التي كرّستها إلى حدود بعيدة الظروف التي شاعت مع تفشي جائحة «كورونا» أنهت التقسيم التقليدي المعتاد بين ساعات العمل وساعات الراحة أو الإجازة، فطالما أن العمل يدار من البيوت عبر الحواسيب، فإن المهام ستظل تلاحقنا، حتى في أوقات الإجازة، خاصة لدى أولئك الذين تقتضي مهنهم المتابعة الدائمة وفي كل الأوقات، بما في ذلك في المساء أو حتى في عطلة نهاية الأسبوع، بطريقة تزيح ساعات التسلية التي كان اللقاء بالأصدقاء أحد أمتع برامجها
عايده عيد ومحمود جعفر وأوبريت شعر لأول مرة في لبنان https://theroom19.com/?p=8672
ولا يمكن إغفال عامل وثيق الارتباط بالأمر، هو زيادة تأثير وحضور العالم الافتراضي في حيواتنا، فهو يجذبنا جذباً نحو أسره، ويلعب دوراً كبيراً في إبعادنا عن العالم الفعلي المعتاد، ومهما قيل في هجاء هذا العالم الافتراضي سيكون من ضرب التعسف نكران أنه هو نفسه يشكّل حياة بديلة، أو موازية، قد تكون أكثر جاذبية وتسلية ومتعة من تلك القائمة في واقعنا المحيط بكل ما فيه من متاعب، هي من طبيعة الحياة نفسها
ليست هذه دعوة لهجر الواقع الفعلي الذي نحن في أتونه، كبشر من لحم ودم كما يقال، والهروب من متاعبه، التي لن تنتهي بهروبنا منها، حيث إنها ستظل ضاغطة علينا، شئنا ذلك أم لم نشأ، وإنما للإقرار بأن الحياة لم تعد هي نفسها مع تضاعف حضور هذا العالم الافتراضي، وتأثيره علينا في وجوه عدّة
- فيروز امرأة كونيّة من لبنان -بقلم : وفيقة فخرالدّين غانم
- سلطة الدجاج بالعسل والخردل
- فلسفة القوة عند نيتشه
- د. حسن مدن يكتب: الانطباع الأول
- ماذا يقرأ محمد صلاح ؟
تعليقات 1