هل ستكشف قريباً العلاقة الجدلية بين استخدام عقار “الأسيتامينوفين” خلال فترة الحمل وحدوث طيف التوحد عند الأطفال ؟
*يستعد وزير الصحة الأمريكي روبرت كندي جونيور المناهض والمعارض الشديد لبرامج التلقيحات والمحامي المترافع السابق أمام القضاء عن أولياء الأمور ضد الشركات المنتجة بزعمِ أن لقاحاتها سببت أضراراً على صحة أطفالهم، لإصدار تقريره في شهر أيلول الحالي الذي من شأنه أن يوضح العلاقة بين استخدام مسكن الآلام وخافض الحرارة الشائع كثيراً “الأسيتامينوفين”والذي يباع بدون وصفة طبية بأسماء تجارية مختلفة منها: “Panadol”، “
پاراسيتول” و “
Tylenol”، ومرض طيف التوحد المعروف (ASD) Autism Spectrum Disorder حيث يعنقد أن أكثر من 50٪ من النساء الحوامل حول العالم استعملن دواء “الأسيتامينوفين” خلال مرحلة من مراحل الحمل. وأشارت بعض الدراسات الرصينة إلى أن الأمهات الحوامل المعرضات لعقار “الأسيتامينوفين” لديهن أطفال تم تشخيص إصابتهم باضطرابات النمو العصبي Neurodevelopmental disorders (NDDs)، بما في ذلك اضطراب طيف التوحد (ASD) واضطراب نقص الانتباه / فرط النشاط (ADHD)، بمعدلات أعلى من أطفال الأمهات الحوامل اللواتي لم يتعرضن “للأسيتامينوفين”.

*جدلية هذا الاضطراب الذي وصف بالمتوطن (epidemic) في بعض البلدان مثل أمريكا ترافقت مع الإرتفاع السريع في أعداد الإصابات به حول العالم خلال الـعقود القليلة الماضية حيث بلغ المعدل العام للإصابة بهذا الإضطراب في أمريكا حسب الدراسات الحديثة لمركز الوقاية من الأمراض (CDC) حالة واحدة من بين كل 31 حالة ولادة. وحسب تقارير أخرى فأنها كانت أكثر من حالة مقابل كل 20 ولادة في ولاية كاليفورنيا الأمريكية .
هذا الأعلان من الوزير الأمريكي ليس جديداً من نوعه بل كونه جاداً ومدعوماً ويعبر عن اعتقاده الخالص الخالصة بأن طيف التوحد تسلله ظروفاً بيئية فوعد بكشف سر ما سماه ب”السموم البيئية” حسب تعبيره وراء هذا الاضطراب.
*في دراسة مراجعة استعرضت فيها نتائج تحليل (46) ورقة بحثية ونشرت نتائجها في منتصف شهر آب من هذا العام 2025 أشارت إلى وجود علاقة محتملة بين استخدام مسكن الآلام وخافض الحرارة “الأسيتامينوفين” قبل الولادة وزيادة خطر الإصابة بالتوحد عند الأطفال، وكذلك مع اضطراب تشتت الانتباه وفرط الحركة (ADHD) ومع ذلك، من المهم ملاحظة أن هذا التحليل ليس إثباتاً مطلقا للسببية بهذا الإضطراب ، بل أنه أشار إلى وجود تلك العلاقة المحتملة.
*لكنه وعلى الجانب الآخر، وإستناداً إلى دراسات عديدة أخرى دلت على سلامة استخدام هذا الدواء، لا يزال خبراء الصحة يعتبرون “الأسيتامينوفين” آمنا أثناء الحمل عندما يستخدم وفقا للتوجيهات، وأن خطر إرتفاع درجة الخرارة عند الحمل قد يكون مهددا لحياة الجنين. وهنالك من المتخصصين من يرفض اختزال أسباب التوحد في أمر واحد بسيط لوجود المئات من الجينات المرتبطة بطيف التوحد، ووجود عوامل أخرى مثل الجذر المتحرر (free radical والتأكسد الخلوي قد تكون لها علاقة مع حدوث إضطراب التوحز ، يضاف إلى ذلك وجود عوامل بيئية معقدة أخرى قد تلعب أدوارا حاسمةً في سببية هذا المرض.
*ماذا عن حامض الفولينيك
? (Folinic Acid) Leucovorin
الليوكوفورين ( Leucovorin ) ويعرف أيضاً باسم فيتامين B9 أو حامض الفولينيك، أو الفولات (folate) هو شكل من أشكال حامض الفوليك، ويستخدم لمواجهة آثار الأدوية التي تعطل عمل حامض الفوليك خلال مراحل معالجة مرضى السرطان، ولكن من المفيد ذكره هو أنه ليس دواءً أو علاجاً كيمياويا للسرطان للعلاج الكيميائي ولكنه غالبا ما يعطى جنبا إلى جنب مع العلاج الكيمياوي للسرطان لمعالجة التغلب على نقص فيتامين B9، ويعطى الليوكوفورين كأقراص فموية أو كحقن وريدية أو عضلية.
يعتمد استخدام الليوكوفورين على نتائج أبحاث
أشارت إلى أن العديد من المصابين بطيف التوحد يعانون من عطب أو خلل في عملية الاستقلاب الذي قد يقلل بالنهاية من كمية حامض الفوليك التي تصل إلى الدماغ. يُعد حامض الفوليك مهماً لنمو الدماغ والجهاز العصبي ولذلك غالباً ما يوصف للنساء الحوامل لتجنب حدوث النقص الذي قد يؤدي إلى تشوهات وعيوب في الإنبوب العصبي ( Neural tube)، إلا أن ارتباطه المباشر بإضطراب طيف التوحد غير واضح تماماً.
*طبقاً لما ذكرته مؤسسة علوم التوحد (Autism science foundation) فأن هنالك أربع دراسات حالياً تشير إلى أن انخفاض مستوى الفولات عند الأم الحامل قد يزيد من خطر الإصابة باضطراب طيف التوحد عند المولود، لكن هذه الدراسات لا زالت في مراحلها الأولية وتحتاج إلى المزيد من أبحاث قبل الخروج باستنتاج نهائي عن العلاقة المحتملة.
الخلاصة: جدلية تسبب عقار ” الأسيتامينوفين” باضطرابات طيف التوحد لازلت غير واضحة على الرغم من تأكيد المختصين على سلامة هذا العقار عندما تستخدمه الحوامل عند الضرورة فقط وضمن الجرعة الموصوفة… وبإنتظار ما وعدنا به وزير الصحة الأمريكي .
وسلامتكم
8-أيلول 2025
