د. ميسون حنا
عُلق السر على رأس رمح ليكون عبرة لمن يعتبر، خشيت الناس عواقب الانتقام، تفشى اللغط، وهمّ القوي بالضعيف الذي استمسك بالمبدأ، تصلب واستعصى، قرر شيخ البلد أن يستجوبه، لكنه تبلم ، نسي اللغة، أو تناساها، صمت، خشي الحاكم صمته، وهو في الحقيقة فقد النطق من الرهبة، تكالبوا عليه، سفكوا دمه، حرقوا السبابة لديه كي لا يشير إلى جهة الحقيقة، نظر إليها بإصرار العاجز، فقأوا عينيه، لكن نبضات قلبه خفقت لها، والغريب أن الناس تجمعوا بأعداد هائلة، وأحاطوا بها، وخبؤوها في ضمائرهم، ومن يومها الحقيقة محفوفة بهالة من الاحترام، ولا سبيل للوصول إليها إلا عن طريق من باع ضميره، لكن الدهر قُلّب، والسوق رائجة في هذه الأيام، والضمائر تباع وتشترى، والدليل أن الضعيف اختفى…. لم يعد له وجود، والحقيقة تحولت إلى زور وبهتان، بقي السر وحده محتفظا بغموضه، وهالة قداسة تحيط به، وشيخ البلد إذ ينظر إليه يشعر بالفخار، ويجاهر عكس ذلك لئلا يسير عكس التيار