نسرين كريم عبدالله
هناك مقال عظيم كتبه “سيغموند فرويد” يسمى “عن الزوال” وفيها يستشهد بمحادثة أجراها مع الشاعر “ريلكيه” عندما كانا يسيران بجانب حديقة جميلة، وفجأة بدا على “ريلكيه” أنه على وشك البكاء! سأله فرويد ماذا بك؟ إنه يوم جميل وهناك نباتات جميلة من حولنا، وهذا رائع
ريلكيه قال: حسنا لا أستطيع تحمل حقيقة أنه في يوم ما كل هذا سيفنى! كل هذه الأشجار، كل هذه النباتات، كل هذه الحياة تسير إلى الاضمحلال، يذوب كل شيء في اللامعنى.. عندما تفكر في أن الزوال او عدم الثبات هو شيء حقيقي فعلاً
لعل أعظم مشكلة وجودية هي الكون، وأنا حقيقة صدمت بهذا… ربما لهذا السبب نشعر عندما نحب بالحزن نوعا ما، هناك حزن في الوصول للنشوة، الأشياء الجميلة أحيانا تجعلنا نشعر بالقليل من الحزن وذلك لأن ما يشيرون إليه هو (الإستثناء)، رؤية شيء أكبر .. رؤية لما وراء الأبواب المغلقة، حفرة لنسقط فيها، ولكن بشكل مؤقت.. وأعتقد بنهاية المطاف، أنها مأساة
هذا هو السبب في أن الحب والصداقة يملآننا بالفرح والكآبة في وقت واحد، هذا هو السبب أنه أحيانا أشعر بالحنين على شيء لم أفقده بعد، لأنني أرى زواله! وكيف يواجه المرء هذا ؟ هل نحب أقوى ؟ هل نعانق بشكل أشد ؟ أم نتبنى الفلسفة البوذية حول عدم الارتباط ؟ بأن نتظاهر بعدم الاهتمام بأن كل شيء وكل شخص نعرفه سوف يفارقنا ؟
وأنا لا أعرف إن كُنت سأتقبل هذا
أعتقد أنني أميل إلى ما قاله “ديلن توماس”
(لن أمر بهدوء في تلك الليلة الجيدة، ولكني سأواجه بشدة اختفاء الضوء)
أعتقد بأننا نتحدى الكون وقانون عدم الثبات بأفلامنا وقصائدنا
أعتقد أننا سنتمسك ببعضنا البعض بشكل أقوى ونقول: لن أدعك تذهب، لن أقبل “طبيعة الزوال” لهذه اللحظة، سأقوم بتخليدها للنهاية
أو على الأقل، سأحاول
أحاول بكل ما أوتيت من محبة وتسامح وينظرون اليه ضعفا.. في حين يكون الهدف استنفاذ جميع السبل وكل الطرق والأعذار ليكون الرحيل…بترا لا عودة ولا ندم فيه