جورج إبراهيم شويط لموقع الوحدة
حين نقول (قصيدة النثر) يطلّ على المشهد محمد الماغوط بسحر أسلوبه المتفرد، باسمه، وقامته الحاضرة الآن وبالأمس، وإلى أجيال.
الشاعرة والروائية شذى خليل التقطت سرَّ الدهشة في هذه (القصيدة المتفردة بأسلوبها)، فكتبتها بكل جنوناتها، وجنحت منها إلى الرواية.
عن قصيدة النثر والرواية كانت هذه المحطة:
* متى كانت أول ولادة لقصيدة بتوقيعك، ومِن أيِّ مخاضٍ أتت؟
– لا أعتقد أن هناك قصيدة أولى، وقصيدة ثانية وما إلى هنالك،
كل قصيدة نكتبها تكون بمثابة نصّ أوّل لحدثٍ مختلف، ويختلف الحدث بين تجربة مؤلمة، أو تجربة سعيدة، أو تجربة غريبة وجديدة تماماً.
* ماالذي شدّكِ لعوالم الشعر وفضاءاته دون سواه، وهل خضتِ غمارَ الكتابة بأجناس أخرى؟
– المعاناة على المستوى الشخصي هي التي دفعت بي نحو كتابةِ الشعر في المرحلة الأولى، لأنّ (قصيدة النثر) تختزل مشاعري وتساعدني على إخراجها بشكلٍ غير هجومي، وإنما محبذ ومرغوب به.
بالإضافة إلى قصيدة النثر أكتب الرواية والقصة القصيرة، أميل للسرد الرّوائي أكثر وأشعر بأنّ اللغة، أثناء كتابة الرواية، أكثرُ إشباعاً لاحتياجاتي.
* الشاعر غالباً قارئ مرّ، أنتِ خلاصة مَن مِن فيض ماقرأتِ وماطالعتِ مِن دواوين شعر وغيرها؟
– أنا خلاصة ذاتي، وتجربتي وحياتي والحوادث التي عبرت طريقي وجميع أنواع الخذلان والأحلام المبتورة، ولست خلاصةً لشاعرٍ أحببته أو شاعرة ما، قد أكون قرأت على سبيل المثال لأحلام مستغانمي وأحببتها، ولنزار قباني وغيره، ولكن لستُ خلاصةَ أيٍّ منهما.
بالنسبة لي أنا أحبُّ شعر بسام حجار، وسومر شحادة، رغم أنّ سومر يكتب الشعر قليلاً، وهنالك أمل دنقل أيضاً.
* مَن هو الشاعر الأول بالنسبة لك:
محلياً، عربياً، عالمياً؟
– الشاعر الأول.. لا أعرف، أعتقد أنَّ جميعَ من أحببتهم يتواجدون في الصف الأول بالنسبة لي.
* هل مازال هناك قارئٌ للأدب عموماً، وللشعر خصوصاً؟ وهل مازال الشعرُ ديوانَ العرب؟
– قرّاء الشعر قليلون، وأعتقد أنّ الشعر بدأ يختفي، وهو غير محبّب للقرّاء مثل الرواية، ذلك أنَّ الرواية أوضح، وأكثر فهماً، ويمكن أن تعالج قضية أوسع.
* هل هناك قصيدة جريئة؟
– بالطبع هناك كل أنواع القصائد تبعاً للكاتب وظروفه ومدى جرأته ورغبته بالتميز.
أحياناً تأتي القصيدة الجريئة بمثابة تحدٍّ للكاتب، ومن أجل أن يبدو مختلفاً، لكن عادةً ما يفشل، فالجرأة في الكتابة ليست اختياراً، وإنما هي جزء من تكويننا النفسي، تولد معنا وتتطوّر بمرور الوقت حتى تتبلور بشكلها الصحيح وليس المبتذل.
* في السيرة الذاتية للشاعرة شذى خليل ماذا نقرأ؟
– في سيرتي الذاتية أنا مجرّد قارئة أكثرَ من كاتبة، وأحياناً أفضّل ترك الشعر وكتابة الرواية، والتّحوّل إلى مجرّد قارئة، القراءة أسهل وتروي أكثر من الكتابة التي تستنزف كلَّ ما بداخلك.
لديّ تجربة في الرواية، وقد حصلتُ على منحة من دار قمرة للبحوث والنشر، طُبعت ونشرِت في بيروت ٢٠٢٣م.
وديوان شعر كان قد فاز بجائزة غاليري الأدب في المغرب ٢٠٢٣م،
ولديّ بالطبع رواية ثانية في طريقها للنشر، ولقد توقفتُ عن كتابة قصيدة النثر منذ فترة طويلة، وما أنشره حالياً مجرّد نصوص سابقة.
* مقاطع من إحدى قصائدها:
حبيبي مِن حِبر، كُلما عَانقتهُ تمادى في الاتساع.
…….
فارغةٌ مثلَ زجاجة نبيذٍ..
فارغةٌ مِنكَ..
حينَ شَربتكَ، أفرَغتك مِني…
حِين ثَملتُ بكَ…
تركتُ عَقلي بَينَ يديكَ…
وجريتُ وراءَ ظلكَ، بَحثاً عَن ظلي.
………
أقفُ على أصَابع قَدميكَ…
أمشي بِكَ نَحوي…
أتحدثُ مِن فَمكَ..
أقولَ المَرأةَ ـ على طرفِ اللسانِ ـ بما أوتيتُ مِني…
ألفُّ ذِراعيكَ حَول كَتفيّ…
أَشدُني إليكَ بأصَابع يَديك…
كي أظنَ لبرهةِ خَيالٍ، أنكَ .. أني.
……….
أتحوّلُ كلَّ مَساءٍ..
إلى احتفالٍ صَاخبٍ في عينيكَ..
كُلّي يَتفجرُ..
أراكَ…
أؤلفُ من جَسدي..
ألعاباً ناريّةً…
تَأخذُ مُنتهى عَينيكَ حَتى السَّماء
تُعلقهما هُناكَ إلى الأبَد.
…………
النّساءُ الجميلات، لا يولدنَ
يحدثنَ مثلَ مُظاهرةٍ مناهضةٍ للسِّلم
يرفعن على أجسادِهن، راياتَ الحَربِ المُستمرة.
………
حدثني عنكَ، قبلَ أن أغُيرَ تسريحةَ شَعري، وأُغرمُ بآخر.
……….
.يُغريني الغبارُ حولَ شفتيك، لم تمسحهُ ـ منذُ مُدةٍ ـ قُبلةٌ عَابرة.
…….
ثمة رجلٌ لَم تَقطعِ القابلةُ حَبلهُ السّحري، فظلَ معلقاً بالمستحيل.
جورج إبراهيم شويط