محمد نصيف
بـأيِّ فـاجـعـةٍ أبـكـيـكِ بـيـروتُ
وبيْ بكاءٌ بحجمِ الكونِ مكبوتُ
إنِّي أهُمُّ بسكبِ الدمعِ فرطَ أسًى
لولا البكاءُ بعرفِ الصِّيْدِ ممقوتُ
لا دمعَ يكفي وعمقُ الجرحِ يُذهلُنا
أمامَ نزفِكِ كلُّ الكونِ مبهوتُ
يمرُّ طيفُكِ مذبوحًا فيذبحُني
قهري وقلبي بما تلقينَ مفتوتُ
إلامَ وجهُكِ يا بيروتُ يرسمُهُ
مثلَ المقابرِ تابوتٌ فتابوتُ
وكمْ طُعنتِ وعشتِ الدهرَ نازفةً
وكمْ سقاكِ كؤوسَ الموتِ طاغوتُ
هلْ مِنْ ختامٍ لهذا الموتِ أمْ قَدَرٌ
أنْ يسرقَ العمرَ تقتيلٌ وتشتيتُ
وهلْ يُسمّى الذي نحيا به وطنًا
نَصِيبُ قلبِ الذي يفديهِ تفتيتُ
كأنَّما هُوَ للطاغينَ مزرعةٌ
تُجنى ومنتجعٌ رَحْبٌ وحانوتُ
وكيفَ يسلمُ مِنْ لفحِ اللظى وطنٌ
هشٌّ أحاطَ بهِ زيتٌ وكبريتُ
وكيفَ ترقى بلادٌ حينَ يحكمُها
ذيلٌ بكلِّ خصالِ الذلِّ منعوتُ
أو مُدَّعٍ شرفَ الأحرارِ ممتلئٌ
بالشرِّ مِنْ معدنِ الإجرام منحوتُ
في الأرضِ صفّانِ جالوتٌ وباطلُهُ
وخندقُ الحقِّ داودٌ وطالوتُ
مِنْ عهدِ بابلَ نارُ الشرِّ تَحرقُنا
مُذْ خالطَ الناسَ هاروتٌ وماروتُ
كأنَّما الحزنُ يا بيروتُ منفردٌ
بنا ، كتابٌ علينا الدهرَ موقوتُ
ولستُ أدري لماذا الحبُّ يُنكرُنا
كم نالنا منهُ خِذلانٌ وتشميتُ
طالَ الأسى فعسى الأحلامُ تُنصفُنا
وحظُّنا منكِ تحنانٌ وتربيتُ
٤ آب ٢٠٢٢