رفيق الصمت
في أزمنة الانكسار، حين تعجز اللغة عن أن تكون مأوى،
أكتشف أن الصمت هو تلك المسافة التي أعود فيها إلى نفسي،
حيث تتخفف الأرواح من ثقل التبرير، وتتعلم الإصغاء لما وراء الضجيج.
كل وجع يعبرني يترك أثرا يشبه الحبر، لا يرى إلا في الضوء الخافت للوعي.
تعلمتُ ألا أُقصي الألم، انا أجاوره، أضع يدي في يده،
فهو، مهما بدا غيبا، معلمي الأول في فهم هشاشتي وضعفي.
كم تبدو اللغة ضيقة أمام اتساع ما لا يقال،
وكم يبدو الصمت واسعا كأفق لا نهاية له.
فيه أتعلم الإصغاء إلى ما يسكنني،
إلى ذلك العمق الذي لا يراه أحد، ولا أستطيع تسميته دون أن أُفسده بالكلمات.
الزمن يعلمني أن أتقبل الجرح على أنه جزء من النضج،
أن أمسك بيدي في العتمة وأهمس لنفسي:
“كل ما يوجعك الآن سيغدو ذاكرة من نور بعد حين.”
وحين أنصت أكثر، أسمع الحياة تهمس من أعماق الصمت:
“لا تبحثي عن المعنى في الخارج… إنك أنتِ المعنى.”