في محاولة لقتل النحس
صبغت المنزل وحدثت الأثاث ، أعدت ترتيب الاشياء ، واللوحات على الجدران ، فتغير مكان الساعة التي تتخذ نفس الموقع منذ خمس سنوات ،
في مرحلة العمل والتجديد ، فعلت شيئا غريبا عني تماما ، أخرجت ساعة يد وارتديتها ، وأنا التي لم أرتدي ساعة في حياتي ، كان فعلا تعويضيا خُلق من أزمة مفتعلة ، مضى شهرين ما زلت أبحث عنها في مكانها القديم ، اليوم ألفت مكانها الجديد.
لقد أنفقت عمري بين التغير والتأقلم بين ثمانية بلدان ، ومحاولة معرفة شكلي بعد كل مرض ومصيبة ، لذلك لا تحدثني عن الماضي والبدايات.
لا شيء يبقى على حاله ، ولا شيء يعيد نفسه.
لا عودة الابن للوطن بعد غياب ،
ولا حب وقع من علو فأصيب بعاهة مستديمة..
ولا حتى شكل جسمك بعد نزول الوزن ! كل شيء يتخذ موقعا مختلفا ، حتى دهون بطنك .
تتغير الأماكن ، يتغير الرفاق ، تتغير النبرة ، ونوع الأحاديث .. الروح ، الملامح وخصائص الدم.
هل تعرف من هو المحظوظ ؟!
ذلك الشخص الذي وصف تهكما بالشجرة !
الذي لم يغادر ، فانغرست جذوره في المكان ، لم تتغير عاداته ، لم تتغير عليه اللغة ، والمارين الذين الفو مكانه.
أتعلم أيضا ما هو الامن في الحب ؟
أن يصبح عادة يومية لا يفزز القلب نحو صخب أو أي جديد .
أجل هذا النوع من الحب الذي كرهه الشعراء في النصوص وترك بسببه الأبطال في الأفلام بعضهم !
هذا الذي كان عليهم أن يصفوه بالحقيقي بدل الممل .
أغبياء هم الناس ياحبيبي ، لا يعرفون أن العميق والروتيني يحمي من الانكسار والأمراض .
كنت أريد وطنا لم يمد على الافق جناحه ، عادي بدل عظيم لا يطمع فيه أحد ، ولايترك فينا علة .
كنت أريد رجلا أختارني على مضض ثم جن بي ، لانه أكتشف روعتي بدون جهد مني .
كنت أريد بيتا يكفيني ، لأن كل شيء فيه منطقي ، غرفة الأب والأم ، غرفة البنتين بحمامها المشترك ، مطبخ متوسط الحجم يحتوي على أغراض عمرها لا يقل عن عشرين سنة ، غرفة معيشة فيها التلفاز وكل المشاحنات العائلية التي تصمت بحضور الكيكة الاسفنجية ذات الخفق المتوسط ، غرفة ضيوف فيها طاولة طعام .
هل تعلم أني استغنيت عنها بمقاعدها الثمانية ، لأن بيتي خال من الضيوف ؟! وأن بيتا بثلاثة غرف نوم لايكفيني ؟!
الشرح طويل ، ولكن هذا ما يحدث عندما لا تكون شجرة .
تطرح أسئلة بعتب على الله عند سماعك صوت الأذان بدل أن تهرع للصلاة ، تعوّد نفسك على الوحدة ، لاتريد شيئا ولا يكفيك شيء ، ولا تألف يومياتك حتى الساكن منها .
ثم عليك أن تفهم صعوبة أزمة امرأة لم تفهم عمرا طويلا غلطة أنها تمنت القليل فقط ، لذلك لم تتحقق أمنياتها فاستغنت عنها .
ولوحتي