عزفَ الريحُ مأذنة خضراء
و الطينُ يوحي بعطرِ الحرملِ المَنسي
على تُخومِ الطريقِ
اليعاسيبُ ملونةٌ تحومُ تحت ظِلالها
و الظِلُ باردٌ
قديمٌ ك حَكايا العُشاقِ الأوليين .
الخَرنوبُ باذخُ الثَّمرِ
العوسجُ خَشنٌ هَجرهُ نَسغهُ الجَليل ..
تقف مُنذُ دَهرٍ عَتيقٍ
مُنذُ ألفُ قصةِ حُب
صَفْصَافةٌ عاليةٌ
تركنُ إليها عَصافيرُ البريةِ
في الظهيرةِ
لحاءها أملس
ك بشرة أُنثى مُطهمة ..
أوراقُها أصابع
هواء الخريف يلهو بأوراقها
مِثل بيانو
يعزفُ الله بأصابعهِ
و الشَّجرةُ تتمايلُ ثَمِلةٌ بموسيقا العصافيرُ و الرّيحُ
هَسْهَسْة أوراقها تتحدثُ لُغات مُختلفة
أرنو السّمع
يصلني البَوح نقياً
ك معزوفةِ “نايٍ رشيقٍ “
ساقُها مِثلُ فِضةٍ عَتيقةٍ
لها سُّرة أنيقةٌ
و نُهودٌ مترفةٌ
مترعةٌ بالرغبةِ
خَصرُها عنيفٌ مُتخمٌ بالشَّهوةِ
أشمُ صَمغها المُثير
رُضابها يتسلقُ جَسدي
ظِلالها تمتدُ في عَراءِ المكانِ
إلى تُخوم حقلِ العوسج ِ
خَشّخَشّةُ عِيدانِها تَرنيمةُ عشقٍ
تَستيقظُ المَدينةُ
عَلى رهبةِ آذانها العُلوي
أيةُ مسراتٍ يهفو إليها قَلبي
و أنا أمْضي بَعيداً عنكَ
صَفْصَافةٌ كانت
هُناك
لا زالتْ تَنتظرني
و أنا السَّفرُ
و الرحيلُ
و أنا الغيابُ
فأنْتظرني …
عبير دريعي ~عامودا
6/8/2024