اليوم وقعت عيني على مجموعة قصصية اعتبرها رائدة بالعالم القصصي، مجموعة مميزة تناولت قصص لمجموعة من النساء من مختلف الأقطار والجنسيات، يجمعهن حلم سندريلا ومحيط من الألم، وطلاء الوجع، لماذا أقرأ هذه المجموعة للكاتبة الإماراتية منال النقبي؟
أقرأ هذه المجموعة لأن الكاتبة جسدت الوجع الإنساني بأسلوبها الشفيف والسبب الاهم لو أن معاناة الاخر تسربت إلى روحها وهذا الهم الإنساني ترجم في قصص في حروف في كلمات تصرخ على الورق تحت وطأة الصمت وتحت وطأة التغريب الداخلي والتهميش، لملمت الكاتبة شظايا أرواح فقدت قدرة النطق وكانت الناطق بالمكتوم، شخصت نحوها العيون وتعلقت بأهدابها أمنيات وأحلام الاخريات من بنات جنسها ولو أن الزيتون تكلم لأخبر الحجر كم فعل به بنو البشر، وقلم منال النقبي امتد غصن وارف فرع غض في تشابك وغصون أماليد، ناعم ومستوى شامخ القامة ينحني مع الريح إلى أن تمر العاصفة يرقص وجعاً يحترق أملاً يرنم عندليب ليطرب الليل صداحه، ليس مبررًا أن تعاني المرأة ما تعاني، بقدر ما تتمتع به من قوة على الاحتمال يأتي الوقت التي تشعر بالإخفاق حيث الحياة مغرقة في اللاعدالة.
النظرة الأولى الى القصص التي تترى أمامي أحداثها ينعقد في فكري مجلس يمحص ويفحص كل قصة ما هو ذلك الخيط الخفي الذي يربط فيما بينها ولماذا تمارس روحي هذا التمحيص، ومن دون شك أي إنسان يقدم على هذه القراءة ويمارس قوته العقلية وبحرية يستشعر أن الرابط بين ما يقرأ هي الطريقة التي عالجت بها حياة المرأة وبالمحصلة، إن الانغماس بأعماق هذا الكائن الذي بات يسترعي انتباه الكتّاب وهيمنت النسوية على معظم الكتابات بتعحرف، ولكننا هنا نرى قلم ينساب بسلاسة تكشف عن أخطاء توارثته المجتمعات عبر الأجيال، طرق اتبعتها الاسرة والمرأة بشكل خاص أدت إلى تكوين فكر ذكوري أحيانا ممهدة لسلطة ذكورية تبنتها المرأة سواء بقصد أو غير قصد، وهذا ما زاد الإجحاف بحقها والنظرة الى كونها ادنى مستوى من باقي المجتمع، ومن جهة أخرى نتج عن سوء فهم قوتها الناعمة في أن التواضع ضعف.
بعض العناوين التي ضمها الكتاب : “فلسطين – تغريد”، ”الإمارات – صوغة”، “الولايات المتحدة الأميركية – جينفر”، “سيريلانكا – مليكا”، ”عُمان – هدى”، “الهند – بريانكا”، “السودان – إشراقة”، “أفغانستان – شهناز”، ”لبنان – رولا”، “إنجلترا – سارة”،وقصص أخرى.
كانت قراءة صعبة بكل المقاييس الم في الروح وألم في الجسد الم يتسرب من بين الجفون ليقطن حدقة العين، نزفه عبر الوريد الى خفقان القلب تتواتر الثنايا تشيخ واحدة تلو الأخرى، يلوك الظلم ما تبقى من الجسد العاري عري السماء من الغيوم وعري النخيل من الريح وعري البحر من الموج، تتخبط الأنفاس في أنفاق مظلمة تريد ان تبوح بما لا يقال، تريد ان تستعيد خيط الحياة تجري خلفه تقتلع الضوء من العين وتزرع الطين بطفولة مسروقة ويبقى المد الأبعد من جذره يجتث الفرح كلما وقف على الباب، لماذا عصية عليّ اللغة وترجمتها، لماذا كلما لاح في الأفق ابتسامة هرعت الأحقاد لبترها لماذا كلما عزفت الازاهير لحن الفرح سقطت صخرة سيزيف الى قعر الوادي من جديد، لماذا كلما قُرعت أجراس الأعراس تحولت الحناء الى مسوح من رماد لماذا كلما لوحت للألوان أصابعنا طين نتن علق بأطرافها، لماذا أكون وتكون ونكون رمز بشرية ذبيحة نُخطف من أكواخ أحلامنا إلى واقع حلاوته علقم وعسله كينا.
كم أخاف عليك أيتها الأنثى وأنا أقرأ في صوتك الذبيح بالوجع الصامت والخذلان من أقرب الناس أن يتجذر الوجع عميقاً والأسى يصبح الطبيعي والمعهود، ابحث عن كلمة أمل هذا الصباح الشمس تخرج من خدرها خجلة في أيام تشرين تطرد وشاح الظلام عن المسكونة، أضع الكتاب جانباً، واغمض عيني علها تهدأ ثورة افكاري وروحي وجسدي.