الرواية مؤلفة من ٤٣ لوح (كما أسمتها) وتقع في 336 صفحة.
صدرت الرواية عن منشورات ضفاف في بيروت ومنشورات الاختلاف في الجزائر عام ٢٠٢١.
——
عادتْ أسطورة جلجامش إلى الواجهة عبر روايةٍ من منظورٍ حديثٍ لكل هواجسِ الكرة الأرضية الحاليّة.
وضعت الكاتبةُ نقطةَ النهاية عبر فسحةِ أملٍ لنا جميعاً، نحن سكّان هذا الكوكبِ / الأرض.
حملتْ مشعلَ الأسطورةِ، وضعتْهُ في قالبٍ سرديٍّ شعريّ ومسرحيّ عبر أناملَ فنية ولغويّة جديدة ومميّزة.
تجاوزت أبعادَ الأسطورةِ في ثنايا النص، كسرت الروتين السرديّ بين مزجِ الماضي / القديم، بقالبٍ حديثٍ ومعاصر لكلّ ما يهمُّ شؤون وشجون البشر اليوم، من حقوق وواجبات المرأة والحبّ والصداقة، والحروب وصولاً إلى نقطة النهاية والأملِ بالسلام.
جعلتْ من الأسطورةِ التي يزيدُ عمرها عن أربعة آلاف سنة، أرضًا خصبة للحبّ والأمل.
فتحتْ ثغراتٍ في الحياة، لتعطي الحياةَ نفسها رونقًا، عبر أبطالِ روايتها، الذين يتمتّعون بقدراتٍ خارقة، في الفلسفة، والرؤية للحضارةِ الإنسانية العربية والعالمية.
عشبةُ الخلودِ هي الحبُّ الذي وضعته في قالبِ شخصيةِ عشتار وهواجس جلجامش وظلّ انكيدو.
تحدّت الكاتبةُ الزمنَ وأعادتْ لنا الأسطورة / الملحمة، بقالبِ روايةٍ استمتعتُ جداً بقراءتها. من الواضح أنّها كتبتها عبر سنواتٍ من التفتيش والتخطيط لنهايةٍ تحملُ فسحةَ الأملِ التي نحتاجها اليومَ أكثر من أيّ وقتٍ مضى.
مرّ الزمنُ على جلجامش / الأسطورة، ولكنّه لن يمرَّ على الرواية مثقلاً بالهموم ، لأنّها تحملُ في طيّاتها، في كل فصلٍ وحدثٍ، قلمَ الخلود الأدبي والروائي الحداثي، عبر منظورٍ جديدٍ للواقع الحالي.
تناولتْ كلّ المواضيع الراهنة التي تهمّنا من حقوق وواجبات المرأة، الذكورية والتسلّط، الحب والصداقة والخيانة، والمناخ والتصحّر والغابات والتغيير المُناخي، والحرائق وخراب الأرض، وتجارة البشر، وصراع الحضارات ، عبر تقنيةِ السرد ومهارة الكاتبةِ في استخدامِ تقنياتِ الفنّ الروائيّ الذي سخّرته لقضايا وشؤون عديدة.
تبقى أسطورةُ جلجامش أسطورةً، أما الرواية فرأيتها أمامي على خشبةِ مسرحٍ ممتلىء بالحضور، يُمعِن النظرَ والسّمعَ في مضمونها.
رسمتْ خارطةَ طريقِ جلجامش إلى عالمنا اليوم، عبر قالبٍ ابداعيّ مميّز، تمتّعتُ به، من أولِ سطرٍ حتى ما بعد نقطة النهاية، حملتني عبر خيالٍ شِعري مُتقَن إلى عالمِ الأحلام.
الرواية هي مزجٌ بين الأدب القديم وتطويره وتحديثه ليكتسبَ المجتمعُ نظرةً إلى الماضي، بقالبٍ معاصرٍ كي لا تموتَ الصداقة، ولا يُدفن الحب، ولا تنتصر الحروب، ولا يعود اليأس ولا يستبدّ أحدهم، بل لتترابط طقوسِ الفنّ والشعر والموسيقى والحياة بكل تفاصيلها.
رأيتُ الكتابة تُسخّر أشخاصَ الرواية لخدمة المجتمعِ ومعالجةِ قضاياه عبر تعدّدِ أصوات شخوص الرواية، بلسانٍ امرأة حرّة، لا تتقيّدُ بسجنِ الماضي بل بنظرةٍ ثاقبةٍ نحو المستقبل.
أليس هذا هو الإبداع بحدّ ذاته ؟
آمل أن تصلَ البشرية إلى طريقِ الخلاص والحضارة الحقيقية، ليعودَ الانسانُ من غربته المريرة، عبر سلطةِ المال والعولمة لكي نعرفَ ما هو الزمن عبر بوح القديس أوغوسطينوس.
هنيئاً للأدب العربي بهذا القلم المجرّد من البداوة، الناظر إلى الحداثة بأسلوبٍ فنّي مبدع.
١٧/٠١/٢٠٢٤