“الزواج حرب سلطة خفيّة،.. وسلاحي الوحيد هو ثياب نوم “ص١٤
اسمتعتُ وتمتّعتُ بقلمِ كاتبةٍ ، شاعرة وروائيّة تعرّفتُ إليها عبر قلمها. جنان خاشوف تكتبُ بطريقةٍ سهلة وأدبٍ واقعي، لا تحتاج للغوص في الرواية لتفهم منذ البداية رسالتها التي وضعتها نصب أعينها وهي تكتب من خلال أدب الواقع.
١- فداءً للحبَ تحافظُ وصال على علاقتها الزوجية على حساب قلبها وتدفّق مشاعرها.
تتناولُ الرواية مواضيع تخصّ المجتمع اللبناني بشكل عام والمرأة بشكل خاص. تعالج مواضيع تابوهات فتتغلغل في أعماقنا، تفكّر بما يكتنزه قلب المرأة من حبّ ووهم في الزواج وحزن وغضب وخيانة بالرّوح لا بالجسد، تنسج عبر شخصيات الرواية ما تشعر به عبر لذة الجسد والقهر للرّوح العاشقة( وصال /ميسون ) .
بين الأنا والزوج والأولاد والأهل والمجتمع تختفي الأنا لينتصر الآخرون عبر الزوجة والأم وتخسر الأنا، المرأة الإنسان، من لحم ودمّ وروح.( وصال )
أبطال الرواية من خالد المجاهد الذي يستشهد في سوريا فداءً للسيّد أو لربّه، إلى وصال الزوجة التي تعيش قصة حبّ عابرة للظروف، بعلاقة مغامرة عشقٍ ممنوع مع عمّار الفلسطيني، الذي يعيش في مخيّم. وهي تعيش في بيئة تتربّع على عرش المال والجاه من خلال زوج طموح ومحاسب وغير مساند. عاشت فضاء الحب فوصلت إلى عرش السماء في مخيّم. لم تستطع إثبات أنوثتها مع أشرف، زوجها الذي تربّى في منزلٍ، تتربّع على عرش السلطة فيه، الأم لا الأب.
زوج لا يُبالي بما تفعله من أجله ومن أجل أبنائه الثلاثة لكنّه يُحاسبها. حتى في استشهاد خالد أخيها غاب الزوج الحاضن والداعم والمسؤول والسند فجاء حبيبها عمّار المُساند والداعم يمسح دموعها ويدعم خطواتها فتفلتُ من سلطة الزوج وتتحّرر الرّوح وينطلق اللسان.
٢- ميسون ترتبط بابن عمّها ثم تتركه بمساعدة خالد شقيقها من أمّها، وبعد أن فقدت عذريّتها، تفقد أبيها وجدّتها ومجتمعها.
ترتبط ميسون بعلاقة حبّ مستحيل بشيخ خليجيّ متزوّج، علاقة بين مدّ وجزر. من خلال العلاقة مع عبد القادر، عاشت على أنقاض الفرح وأشعلت جسدها بقبلات الحبيب القريب البعيد في آن. امتلك جسدها وروحها وشفتيها. حبّ ممنوع فيختار الشيخ زوجته بدل عشيقته في محطات كثيرة فلا يسمح لها بأن تعيش قصة الحب حتى خواتيمها السعيدة.
انهزمت المرأة على فراش الزوج في مجتمع تتعانق فيه الأجساد والمظاهر والتسميات لا الأرواح.
ارتشفت كأساً مرّة فندمت على خيارها في نهاية المطاف ليبقى الحلم /الحب، مستحيلاً.
عرّت روحها من أجل رجلٍ استرسلت في حبّه فكان الحب مؤقتًا لا بوح فيه سوى بلحظات يخطفها من حياتها الروتينيّة.
سرق منها الرجل حلم الحب وخلع عنها صفة العشيقة والحبيبة عندما اختار زوجته ( عبد القادر ).
تخلّت المرأة عن الحب من أجل وهم الزواج(وصال).
عندما تقرأ الرواية تجد طرقات مختلفة للحب في قصص نساء جرّدها المجتمع أو التربية من الحق في العيش كما يحلو لهنّ. شرّدت التربية العائليّة المرأة من حب حقيقي وتألّق فيها الحبّ المستحيل بين وصال وعمّار ، وميسون وعبد القادر.
عانقت الكاتبة الحبر فجرّدت قلمها من الأحكام المُسبقة وضعت كل شيء أمامنا، تجرّأت وخلعت كل التابوهات عن فكرها في الحجاب والدين والجنس والسياسة وفلسطين والاستشهاد، فكتبت بعينٍ موضوعية في مجتمعاتٍ ذكورية تختلف فيها العادات والقيم والتقاليد والتربية، لتلامس الكاتبة وجدان القارىء في الصميم.
يبقى الحب الملاذ الآمن للنساء في حضن رجلٍ لا يُهمّش المرأة بل يكون سنداً وداعمًا أول لها لا يستبدّ فيلتقي الجسد في الواقع وتلتقي الروح فيه.
عبر تغيّر الزوج في النهاية تصمدُ وصال في المنزل الزوجي حيث تدفنُ مشاعرها في جسدٍ أتعبه الحبّ وفي مجتمع لا تنحكّم فيه بقدرها.
صراع المرأة مستمرّ لا انتصار فيه ولا هزيمة بل محافظة على بريق الأمل في عيون ملأى بالدموع موضوعة بقالب سرديّ لا تزيّف فيه ولا مجاملات بل شفافيّة مدهشة فتخرج المرأة من ليل دامس تحت سطوة زوجها لتحاول فتخسر جسدها وروحها معاً.
اختيار صعب لإرضاء الزوج والمجتمع والأهل والأمومة لا المرأة بذاتها الانسانية. وكأنّ قدر المرأة هو أن تسير المرأة بأجنحة متكسّرة وبروح متمردة.
يا جنان تساقطت كلماتك ناضجة وقطفتها من دون أن أفقد منها حبّة واحدة.
صورة الغلاف إيهاب فيّاض
٢٥/١١/٢٠٢٣
شكرًا لك أستاذة إخلاص على النشر
شكرًا لك أستاذة إخلاص على النشر
دوام النجاح والتألق لغرفة ١٩
تحياتي لك