بقلم الشاعر جميل داري
إنْ شِبتُ وفاتتني النارُ
فعزائي..أني مُشعِلُها
وعزائيَ..أني المختارُ
أتذكّرُ طفلاً يسكُنني
وبعلّة يأسي..يحتارُ
ولأنيَ في العتمةِ باديةٌ
كوني لي
نارا
يا نارُ
د. أديب حسن
القراءة بقلم الشاعر جميل داري
يا نارُ تعبير مكثّف عبرت عن العوالم الداخلية التي لا يمكن سبرها بسهولة كما أن تعرية النفس مهمة شاقة لكنها يسيرة على من امتلك ناصية البيان والبلاغة فكم هنا نتذكر النفري القائل:كلما اتسعت الفكرة ضاقت العبارة أو كما قال الجاحظ خير الكلام ما كان قليله يغنيك عن كثيره.
وأنا أقرأ هذا النص المرة تلو الأخرى تتوافد علي خواطر وتتوالد، منها البيت التالي:
وعليّ أن أسعى وليسَ عليَّ إدراك النجاحِ
وقصة إبراهيم مع النار ، وقصة بروميثيوس سارق النار ومنقذ البشر من الجوع والظلام والجهل
الشعر ليس مجرد معنى بل هو طريقة التعبير عن هذا المعنى فقد يشوه شاعر معنى عظيما وقد يسمو آخر بمعنى عادي
لكن أديبنا هنا برع في في المبنى والمعنى معا، فهو يلخص سيرته بالقليل من الكلام إذ إنه شارك بروميثيوس في إشعال النار وعدم تركها للانطفاء، وما النار هنا إلا العمل المخلص والتفاني فيه خدمة للقريب والبعيد
هو ما زال طفلا وهذا أهمّ شروط الشعر فعندما يخرج الطفل من الشاعر يفقد شاعريته ويصاب بالهرم والموات الشعري
أديبنا هو هذا الطفل الذي أصابه ظلام اليأس لكنه في قمة هذا اليأس يستنجد بالنار التي أشعلها فما هو إلا الفينيق الذي يأبى الانطفاء أو البقاء قيد قفص من رماد الخديعة
المعاني كما يقول الجاحظ مرمية في الطريق يعرفها الجميع لكن المهم هو طريقة التعبير عنها . وقد حلق أديبنا هنا وجعلنا معه نحترق لنولد من جديد
- سلطة الدجاج بالعسل والخردل
- فلسفة القوة عند نيتشه
- أزمة السمنة المستمرة
- د. حسن مدن يكتب: الانطباع الأول
- ماذا يقرأ محمد صلاح ؟
تعليقات 1