ملَّت السلحفاة من صمت الغابة وفكرت مع نفسها في ان تشغل الحيوانات بأمر مهم … ترى أي أمر يشغلها ؟ وبعد تفكير طويل اهتدت إلى فكرة البحث عمن يكون ملكا على الغابة , فذهبت إلى حداد الغابة وكان خنزيرا قويا , فاستغرب الخنزير من مجيء السلحفاة إليه , فهي منذ فترة طويلة لم تأت إليه , قالت السلحفاة له :-أريدك أن تصنع لي تاجا جميلا وتضع عليه هذه اللآليء والأحجار الثمينة .
فرح الخنزير حينما سمع ذلك لأنه أخيرا وجد عملا , وقبل ان يبدأ في عمله فتحت السلحفاة الكيس الذي كانت تحمله وقدمت له الجواهر واللآليء.
وبعد عدة أيام من العمل المتواصل استلمت السلحفاة التاج وكان جميلا جدا , فحملته وذهبت به إلى وسط الغابة وهناك قالت للحيوانات التي تجمعت حولها وهي تتابعها بكل اهتمام :
-هذا التاج الجميل سأضعه على رأس ملك الغابة , من منكم ملك الغابة ؟ , فليأت إلي لأضعه على رأسه , على شرط ان يقنعني انه ملك الغابة ؟ .
كان كل حيوان يحلم ان يضع التاج الجميل فوق رأسه , هنا تقدم القرد قبل الجميع وهو يرقص ويؤدي حركات بهلوانية أضحكت الجميع عليه وقال للسلحفاة بكل فخر واعتزاز :
-انا استحق التاج , وأريد ان أكون ملكا على الغابة , كل الغابة تعرفني كيف اودي اصعب الحركات , وأتسلق الأشجار العالية جدا.
ضحكت السلحفاة منه وقالت له باستهزاء :
-التاج لا يستحقه الا من يعرف قيمته , أنت لا تستحقه , لان ملك الغابة ليس بهلوانا تضحك الحيوانات عليه.
خجل القرد من نفسه ولم يقل شيئا وصعد بسرعة جذع أعلى الأشجار لكي لا يراه احد.
بعده تقدم الدب نحو السلحفاة وهو يحمل بيديه جرة مملوءة من العسل الذي يتساقط منها على الأرض والنحل يتابعه ويلسعه من كل مكان في جسمه وقال للسلحفاة بسرعة :
– انا استحق هذا التاج , يليق بي أن أكون ملكا على الغابة , انا الدب معروف بحبي للعسل .
ضحكت السلحفاة منه ومن شدة الضحك قالت له :
– انت ايها الدب لا تستحق التاج , لأنك تأكل الطعام من تعب غيرك , انظر الى النحل الذي سرقت منه العسل وهو يطاردك كاللص ويلسعك من كل مكان وأنت ساكت ولا تستطيع الكلام , الملوك لا يسرقون الطعام ابداااا , التاج لمن يعرف قيمته ويستحقه ايها الدب.
خجل الدب من نفسه وركض مسرعا الى النهر ليرمي نفسه فيه ويتخلص من لسعات النحل المؤلة والتي ما عاد يتحملها أبدا.
هنا تقدم الأرنب بشكل مضحك وهو يقفز من مكان الى مكان حاملا باقة الجزر بيديه ويأكل منها بشراهة وقال للسلحفاة بكل قناعة وإصرار:
– انا استحقه … ياااااه كم هو جميل ان يكون هذا التاج فوق راسي.
قال ذلك واخذ يقفز بكل قوة وهو يكشر عن أسنانه ويأكل الجزر وبعضه يتساقط من فمه بشكل غير جميل أضحكت الحيوانات عليه , فقالت له السلحفاة بكل استهزاء :
– أنت لا تصلح ان تكون ملكا على الغابة , تعلم كيف تأكل الجزر ولا تجعله يتساقط من فمك في المرة القادمة , فالملوك بارعون في تناول الطعام , فهم حينما يتناولون الطعام لا يسقطون منه شيئا على الارض .
خجل الأرنب من نفسه وولى هاربا ليختفي في حقل الجزر القريب من المكان لكي لا يراه احد؟.
بعد ذلك تقدم الفيل الكبير الى السلحفاة وقال لها وهو يحرك خرطومه في الفضاء ليخيف السلحفاة :
-انا استحق التاج , يليق بي ان أكون ملكا على الغابة , فحجمي كبير وقوتي لا تقاوم ولي خرطوم قوي بإمكاني ان اقلع به أقوى الأشجار, فكري جيدا ايتها السلحفاة , انا الوحيد الذي يصلح لان يكون ملكا على الغابة.
ضحك السلحفاة منه بصوت عال وقال له :
-أنت لا تصلح ان تكون ملكا على الغابة … انت لا تستطيع ان تقفز حفرة صغيرة … ان كنت قادرا على القفز … هيا اقفز على تلك الحفرة التي أمام الجميع … لكن لا تنس ان سقطت فيها لا احد يستطيع ان ينقذك منها .
وأشارت السلحفاة بيدها الى الحفرة القريبة , نظر الفيل الى الحفرة القريبة منه ولما كان غير قادر على القفز من فوقها خجل من نفسه ومن ضخامة جسمه وانزل خرطومه المرفوع والذي كان يتباهى به وولى هاربا , ومن شدة ثقل جسمه وسرعته في الهرب جعلت الأرض تهتز تحت أقدام الجميع .
فرغ المكان فتقدمت الزرافة بكل خيلاء واستعلاء وفي فمها غصن مليء بالأوراق قالت للثعلب :
– انا كبيرة وسريعة في الجري ورقبتي طويلة جدا وبإمكاني ان اقطف الأوراق من أعلى الأشجار, لا احد غيري يستطيع فعل ذلك , الا استحق ان أكون ملك الغابة ؟.
ضحك السلحفاة بكل قوة وقال للزرافة :
-انت لا تستحقين ان تكوني ملكة على الغابة , لو سقط التاج من راسك لا تستطيعين ان تضعيه على راسك من جديد , انت عاجزة عن فعل ذلك , ملوك الغابة ليسوا عاجزين وليست لهم رقاب طويلة مثل رقبتك .
هربت الزرافة من المكان بسرعة بعد ان سمعت رد السلحفاة ومن شدة سرعتها اصطدمت رقبتها بغصن شجرة قوية وبدأت تتأوه من الألم الذي أحدثه اصطدام الغصن برقبتها .
وفجأة سمعت السلحفاة صوتا عاليا وضجيجا قويا حيث جاء الثعلب العجوز محمولا على الأغصان يحيط به جمع كبير من الثعالب يتكلمون نيابة عنه , فهو غير قادر عن الكلام وحتى عاجز عن تحريك نفسه وقالت الثعالب للسلحفاة :
-نريد ان يكون الثعلب العجوز ملكا على الغابة للأبد .
البوم من مكانها أيدت الثعالب وكذلك الغراب والحرباء وابن آوى والجرذ الكبير والأفعى الرقطاء والعقرب السام , لكن السلحفاة ضحكت بصوت عال وقالت للثعلب العجوز :
– أنت عاجز عن الحركة ولا تصلح ان تكون ملكا على الغابة , ملك الغابة يدافع عن غابته وأنت لا تستطيع ان تقوم من مكانك ,لا يهمني هؤلاء الذين معك فهم مستفيدون منك ويشجعونك على الباطل … ابتعد عني لا احد يريدك ابدااااااا.
حملت الثعالب الثعلب العجوز بسرعة وغادرت المكان وهي تصرخ بصوت عال لكن السلحفاة لم تهتم بأصواتهم وتوسلاتهم , وبعد الثعلب العجوز تقدمت كثير من الحيوانات لكنها لا تكون ملكا على الغابة , كلها كانت تفشل لسبب من الأسباب , فالسلحفاة الذكية لم تقتنع باي واحد منها , لأنها عاهدت نفسها على ان تضع التاج على رأس من يستحقه بجدارة .
بدأت السلحفاة تفتش في الوجوه بكل هدوء وتمعن وأخيرا وجدت أسدا كله وقار وهيبة ينظر اليها بشجاعة ولم يتكلم او يتحرك من مكانه ولم يقترب من السلحفاة أبدا وإنما اكتفى بالاستماع والنظر الى كل ما كان يجري أمامه وفجأة حلقت الطيور فزعة والعصافير من أعلى الأشجار مذعورة وهي تصرخ بصوت عال :
– الأعداء … الأعداء … الأعداء يقتربون من المكان , هيا ابتعدوا…
هرب الجميع من المكان واختفوا بشكل سريع خوفا من الأعداء , ولم يبق في المكان غير الاسد والسلحفاة التي تحمل التاج بيديها وهي تفكر ان ترميه على الأرض وتهرب مثلما هربت بقية الحيوانات , لكنها في اللحظة الأخيرة انتبهت الى ان الأسد الذي أمامها يستحق ان ان يكون ملكا على الغابة لا سيما وانه بدأ يزأر بصوت عال ومخيف جداااا جعل الأعداء يهربون من .سماع صوته , فهو الوحيد الذي بقي صامدا في مكانه مدافعا عن الغابة ضد الأعداء ومضحيا بحياته من اجل الجميع , هنا فكرت السلحفاة وهي ممسكة بالتاج بقوة وتقدمت من الأسد ووضعته على رأسه وقالت له بكل قناعة وإرادة :
-أنت وحدك من يستحق هذا التاج , أنت الوحيد الذي لم يهرب , ولم تفكر بنفسك ابدااااااا , أنت الشجاع الوحيد الذي أخاف الأعداء بصوته , حقا انت ملك الغابة .
وبعد ان هرب الأعداء الذين خافوا من زئير الأسد , رجعت الحيوانات الى أماكنها ومن بعيد كانت تنظر الى التاج الذي وضع على رأس الأسد بكل احترام وتقدير , فقد عرفت أن الأسد هو ملك الغابة حقا لانه شجاع وصبور.
القصة لطيفة جدا
في تقديري ممتعة للأطفال ..
———-
تقديري لمرورك وشكري لك
القصة لطيفة جدا
في تقديري ممتعة للأطفال .
ملاحظة؛
تخصصي العلمي النقد الادبي ..
لكن ليس في ادب الطفل.
سعدنا بتعقيبك، ويسعدنا أن نستقبل مشاركتك النقدية