عَمَّار العمشان
كلمة أدب
عَمَّار العمشان
كلمة أدب تعني البلاغةَ في الكلامِ والتَّعَامُل مع الآخرِ بروحٍ طيِّبةٍ ووجدانٍ مِعطاءٍ ، تتدفَّقُ من أعماقِ الإنسانِ ، تشدُّ القارئ وتُؤثِّرُ في نفسهِ ، أكانت كلاماً أو شعراً أو نثراً أو قِصَّةً أو روايةً أو طُرفةً بأسلُوبٍ راقٍ ولُغةٍ رزينةٍ ومُحكمةٍ، وهي عينٌ تصوُّرُ أحداثَ الحياةَ من ألمٍ وفرحٍ، وهي مجالٌ للتنفيسِ عن أهواءِ ومشاقّ الحياةِ وترجمةِ مايدورُ في النَّفسِ الإِنسانيَّةِ إلى صُورٍ بيانيةٍ واستعاراتٍ تُضيفُ للحياةِ قوالباً مرحة من السعادةِ والطُمأنينةَ، وهي غايةٌ لنقلِ تجاربَ الحياةَ للآخرين بغرضِ الإِفادةِ والاستمتاعِ والوقوف على عتبةِ الشُّعورِ بالمقاطعِ الوجدانيةِ والاجتماعيةِ التي تحملُ الهمّ والحزنَ والسرورَ، وتُعزّز دورَ الخيال الأدبي لكل كاتبٍ أو شاعرٍ من خلالِ صفحةٍ أو ديوانٍ أو نَصٍّ يُورثُ السَّعادةَ والحبَّ على الورقِ أو على أرضِ الواقعِ للقارئ أو المُستمع، وهي مُصطلحٌ له أدبيّة تظهرُ من خلالِ المعارفِ الإنسانيَّة وخاصَّة في الأدب الإنشائي والوصفي والتاريخي والجغرافي لأنَّهُ من وحي الحياةِ وضرورة من ضروراتها، يُسطّر ملامح الحياة ويُؤكّدُ وجودها.
– الأدب العربي أدبٌ فاخِّرٌ وثري جداً بالتعابيرِ الناطقة عن الشعورِ الإنساني الصَّادق والرُّوحِ الوجدانيةِ الزاخرةِ بالحبِّ والشّعُورِ بالانتماء للطبيعةِ الإنسانية، له روّاده وروائعه وطرائفه في القصَّةِ و الرِّوايةِ والشَّعرِ والنَّثرِ بدلالةِ الكُتبِ والمُعلقاتِ والقصائدِ والمقالَاتِ والاستعاراتِ والأنماطِ والحواراتِ التي تُشيرُ منذ عصور وحتى الآن إلى ثقافة الإنسان وإبداعه الأدبي الذي يُنَمِّي صِفةَ الوُجوديَّة لكل ذاتٍ تثقبُ الجوهرَ كي تحلَّ محله.
– الأدب العربي مهارةٌ وِجدانيَّةٌ وسلوكيّة عن طريقِ استخدام أدوات اللُّغة في الإعرابِ وبشكلٍ عامٍّ بالنَّصبِ والضَّمِّ والجزمِّ والتويناتِ والحركاتِ والأسماءِ والأفعالِ في تكوِينِ الصُّورةَ الَّتي تتحدَّثُ عن الإنسانِ بكُلِّ صيغهِ المُتجهة إلى الخيرِ الْأسمى والتَّعبيرِ الأجملِ والأخلاقِ والسُّلُوكِ الرَّتيبِ والتَّآلُفِ والتآخي.
كما إنَّ الأدبَ يمنحُ الكتابةَ أسلوباً مَتِيناً وبسيطاً وقوياً في نفسِ الوقتِ من الناحيةِ اللغويةِ، ويفتحُ آفاقاً جديدةً للكاتبِ والقارئ في الاندماجِ مع الطَّبيعَةِ الوجدانيةِ، واكتشاف الجُزرَ العذراء فيها.
– هُنا نُلاحظُ الفرقَ بين كاتبٍ وآخر، وهذا ما يُؤكدُ أن الشّعراءَ ليسوا من طبقةٍ واحدةٍ، وهم مُختلفُون في الشُّعُورِ والْإنشاءِ والأسلوبِ وطريقةِ التَّعَامُل مع مصادرِ الإلهامِ ، لأن المعاني والدلالات الأدبيَّة الجديدة والمُميِّزة تحتاجُ أُفُقاً واسعاً وفكراً يتلألأ كالنجوم كي تُشكلُ منظراً يليقُ بطبيعةِ الإنسانِ.
ومن أغراض الأدب الهجاء ، والمدح ، والرثاء ، والاعتذار ، والغزل ، والفخر ، والنَّقد البناء ، لم تكن السَّرقة غايةً أو هدفاً له ولا بأيّ عصرٍ من العصُور الجاهلي أو الإسلامي أو الأموي أوالعباسي أوالحديث.
– لا يزال النَّاس يُحبُّون الفوزَ في المسابقاتِ والنقاشاتِ والتَّباهي بالجوائز بغض النَّظر عن كيفيَّةِ الفوز أَو الدوافع له ، ولا يزال عند بعض النَّاس ممَّن يدّعون الكتابةَ غرائزاً وطموحات سريّة وخاصَّة الأدبيَّة منها على حسابِ الآخرين، وأقرب مثال السَّرقات الأدبيَّة والعلميَّة بعد ازدحام العالم بالكُتابِ والشعراءِ والروائين وتُوافر الأدوات التي تُساعدُ على السّرقةِ مثل الهواتف النقالة والحواسيب والمجلاَّت الإلكترونية والمنتديات والروابط ومحركات البحث المُتعددة ، أصبحَتْ السَّرقة سهلة جداً عن طريقِِ أزرة إِلكترُونيَّة دون رقابة أو مُحاسبة أو حاضنة قادرة على ترتيب ذاتَ الْإنسانِ ودعم كيانه الأدبي .
– إلى كل صديق ناسخ ، لاصقٍ ، سارق ، أنا هُنا أكتُبُ داخلَ خيمة خالية من كل القيِّمِ والمبادئ والرَّحمة ، تعوي فيها الرِّيحُ والكلابُ ، ويتدافعُ حولَها الرَّصاصُ واللُّصُوصُ والمُتنمرين ، أكتبُ مُنهكاً من الألمِ والجُوعِ والعطشِ وأنتَ هُناك تقرأ في بيتكَ الكبير على طاولةٍ مكتبيةٍ من الخشبِ المُمتازِ يتوسطها فنجانُ قهوة ساخن وأزهارٌ حمراء وصفراء ، تكتبُ بعقلٍ فارغٍ وضميرٍ مثقُوبٍ وبطنٍ مُتخمةٍ بأفخاذِ الدَّجاجِ وعيون النساء ولحمِ الإبلِ وأجنحةِ الحمَّامِ وعناقيدِ العنبِ والتِّينِ والنَّبيذِ الفاخرِ بعيداً عن الأَدبِ والثَّقافةِ وكل مقوماتِ الإنسانية ، أكونُ سعيداً جداً عندما تقرأ معاناتي ويُشرفني جداً أنَّكَ تستلذُ بالمعاني وتسيرُ في خارطةِ جروحي وتستندُ إلى قلبي المُتعب وتبحثُ عن حبيتكَ بين أصابعي وتسندُ عاطفتكَ إلى الاعصار القائم في صدري ، لماذا تنسبُ كتاباتي إلى اسمك المُروع ؟ وتضعني خارجَ قصيدتي ، وتبني من كلماتي سوراً حولَ مُستنقعكَ العفن وتتفاخرُ بكياني المصهور !
يا صديقي لماذا تسبِّحُ في بحرٍ تجهلُ فيه أَماكنَ المحّار والمرجان واللُّؤلُؤ ؟
ولماذا تُعلقُ على حائطِ بيتكَ الأعوج لوحةً مُستقيمة ؟ ولماذا تُعلنُ انتصاراتكَ على حسابِ هزائمي ! ؟
ولماذا تقفُ على الشَّاطئ خائفاً من الغرقِ وأَنتَ لا تعرف كيف ستصلُ للطَّرفِ الآخر من أوجاعي ؟
ولماذا تستعين بنشوتي لتعرّي حبيبتكَ من ثيابها !؟
– بعض النَّاس مُغرمون جداً بالنَّسخِ واللَّصقِ لن أذكر أسماء ، ولن أصوِّرَ صفحات ، ولن أقتفي أثرَ أحداً ، ولن أقفُ عارضة في دفترِ المواعيدِ الغراميَّةِ لأحد ، ولن أدخلُ في تفاصيلِ العطرِ لحبيبةِ أحد ، يكفي أن أكونَ – أَنَا – من رُوَّادِ الأدبِ بصفةِ الإنسانِ أولًا ثُمَّ بِصفةِ الكاتب الجيِّد مُتمكِّناً من أدواتهِ ومقوماتهِ وكل الأشياءِ الجوهريَّة التي تلمَّعُ فيه ، وزائراً خفيف الظِّلِّ للقلوبِ البيضاءِ والأرواحِ الساميةِ التي لا يرحلُ وجُودُها ولا يُحتوى عطرها .
– أيُّها اللِّصُّ الناسخُ أريدُكَ أن تفهمَ معاناتي قبلَ أن تنسخها ، أريدُكَ أن تعرف جيداً مساحةَ جُرحي قبلَ أن تتألَّمَ أنتَ في صفحتِكَ الفارغة من شُعُورٍ يُنسبُ إليكَ ، قد لا تليقُ بكَ أوجاعي وقد تكون حياتكَ أعلى مرتبة من كلماتي وقد لا أمنحكَ الرُّتبةَ التي تستحقُّها ، وقد لا تُقلدكَ حروفي ما تصبو إليهِ من مجدٍ عظيمٍ ، ليس خلف قصيدتي إلَّا قلباً مطعُوناً وفُقراءً ومساكيناً وكُهلاً ورُضعاً لا مأْوى لَهُم ولا وطناً ولاكرامة ، وأنتَ تعيشُ في ترفٍ وفي ثراءٍ وحولكَ تحبو العمائمُ وتنبطحُ التيجان .
– أسمح لي أن أخاطبكَ بصفةِ الإِنسانِ لعلَّكَ تتذكَّرُ من أنتَ وما الهدف من وجودِكَ ، نحنٌ أصدقاءٌ واقعين في هذا العالم الأزرق رغم بشاعة موقفنا وانحصارنا في بُوتقةِ الويب الطاعنة لكل أمنياتنا وأفكارنا وهويتنا إلَّا أنَّنا نُصارعُ جميعَ حلقات الظَّلام والضَّياع والوهم القائمةُ على أساسِ الفائدةِ والدعمِ النَّفسي والإجتماعي إن تطابقتْ أفكارنا ضمنَ أَطاراً أدبياً فيه منفعة للنَّاسِ دُونَ ضررٍ أَو ضِرار ، وإِن تعادلتْ مُعاناة قُلُوبِنا وتوحدتْ أخلاقُنا وأهدافنا ستعرفُ كم هي شاقةٌ ومُؤلمةٌ وجمليةٌ وثمينةٌ هذه المساحة الأدبيَّة بين قلوبنا
– أينَّ تذهبُ ؟ حاملاً أفكارَ غيركَ ومُعاناةَ غيركَ وجُرحَ غيركَ وقصيدةَ غيركَ !؟ وكيفَ تسرقُ حروفي وتتباهى بكلماتي !؟ ، قد تُتعبكَ قصائدي كثيراً وقد تُدخلكَ النَّارَ ! وقد تُشنقُ بسببها وقد تُرجمُ ويُقامُ عليكَ الحدَ !
يُسعدني أن أكُونَ سبباً في صُنعِِ موعدَكَ الغرامي مع حبيبتكَ ويسعدني أكثرَ أن أحذفَ وجُودكَ من قَلبها وأقُبلها بدلًا عنكَ وأعانقها بدلًا عنكَ و أنوبُ عنكَ على السريرِ وأصنعُ لها باقةَ من الأزهارِ ، وأكتُبُ لها مُقدِّمَةً عن الخُلُودِ في الجنَّةِ وأزرعُ الياسمين في كل القحلِ الَّذي خلفتهُ أنتَ في كيانها ، وأحررُ ملايين الأسرى والمُعتقلين في شعورها وأنتزعُ من قلبها كل بياناتكَ الشَّخصيَّةِ اسمُكَ وتاريخَ ميلادكَ ومكان إقامتكَ ، لا أرغبُ أَن تفقدها بسببي لأنها تعرفُ تماماً أنَّكَ غير مُهيأ لكتابةِ قصيدة وغير مُستعد لصنعِ قُبلة بهذا الجمال وهذه النَّكهة لأن العصافير تأتي مع الشُّرُوقِ ، لأن الأزهار لها نسب ، لأن الأقلام تحمَّلها أصابعٌ صُلبةٌ ، لأن دواة الحبر لا تفور إلَّا لأميرِ الخلقِ ، صاحب الرُّتب والمزايا ، أما اللِّص لَه مادُفنَ في قلبهِ من حقدٍ وحسدٍ ونوايا خبيثة
– أيُّها الصَّدِّيقُ والإنسانُ السَّرقةُ الأدبيَّةُ تُقلِّلُ من قيمةِ الأدبِ العربي وتُخفّفُ من شخصيَّةِ الإنسانِ ونحنُ نكتبُ لأمرٍ أَهمُّ من كل ما ذُكرَ وهو رفعُ وتعزيزُ دورَ أدَّبنا بكل مجالاتِ الحياةِ وفي كل العوالمِ لأنَّهُ شعارنا الوجداني ورُتبتنا الرُّوحيَّة وهو وِسامُ شرف لكل عربي وهكذا تزدهرُ اللغةُ العربية ويصبحُ الأدب متيناً وتربحُ محبَّةً الكاتب ولا تخسر حبيبتكَ ونرتقي كُلنا بالأدبِ واللُّغةِ والشُّعُورِ والإنسانِ إلى مراتبٍ مخمليةٍ في الإبداع والتميز .
– عَمَّار العمشان .