المهدي الحمروني
______________________________
أيتها القصيدة في أجلى انفعالاتها
خذي النصَّ لوعد سماواتك
إذ هو في أقصى’ احتياجٍ لتبنّيك
ببسملة الحب في كهفٍ لا شريك فيه لتنزُّل الوحي
أنا عاشق الكائنات الجميلة بصيغةٍ متفردةٍ غير مُلتَفَتٍ لها: الماعز والغنم، والخيل والإبل، واليمام، والصقر، والنسور التي لا تؤتى
والنخل والكفاح به للتصحر، والطبيعة، والليل، والنجوم، والقمر، والفجر، وهدأة الصباح البكر
وأنتِ
أنت أيتها الكائن المعادل للوجود كله
الإنصات إليك يُغني عن الكلام
والسرد لك يكفي عن الكتابة
ويُبعثر عمَّا يُسمَّى’ الشعر
لأنني أصفو بكِ وأتطهّر إليك من شوائب العمر المُتعَب
ولأنك تقودين للهزء من الحزن المتربِّص بكونك لحظةً نادرةً من الظفر الجليّ
وللتصالح مع ربكة العزلة
أيتها الراهبة كيف أُقنعك أنك حضارةٌ قائمةٌ بكيانها الخاص
كآلهةٍ تزهد في الإعلان عن نفسها
لكأنك خُلقتِ من طفرةِ ضلعٍ ملائكيٍّ دُسَّ خلسةً في متاع قافلة الأنام
لا ينبغي لي أن أقول أُحبك
ربما لأن المحاولة أبلغ من تحققها
وربما لأن الانتظار أنجزُ لبراحٍ من البوح الموارب
أشدُّ إليك اللهفة كما تشُدُّ النوقُ حُدوسها للمطر البعيد
والطيور إلى مواسمها في الضفاف الأُخرى’
وتؤوب المعاني على خيال تبَّانة مسائك الأسنى’
وجهك الذي لا يُفسَّرُ في الإعجاز
ببساطته الفاتنة
صوتك الذي يُحتِّم التفكير في لغةٍ خاصةٍ به
وهو يُخجِل اللغات للتنقيب عن أصدافها العذراء
لتحفُل بجوهر استحقاقها لفرادتك
لك غضاضةُ سِيَرِ البواكير
وغِنى’ خواتم العناصر
وحُلم المعلقات
وصدى’ الملاحم
وهزيع الشتاء الحالم
وأماسي البيد في حزيرانَ شجيٍّ
على أطراف واحةٍ
من أقداس
القلب
________________________
زليتن 17 حزيران 2022 م