يوميات عزة المقهور 2
ما بين المتحف والعيادة الطبية طريق ضيق ممتد ، على جانبيه مقاهي ومطاعم تفتح أبوابها عند التاسعة صباحا وتلفظ أنفاسها مساءا. يغص الشارع بأفواج سياحية وجهتها المتحف، وهم ذاتهم من يجالس كراسي وطاولات المقاهي المبعثرة على الرصيف
في ذلك الشارع كانت تسير ورفيقها عكس اتجاهي على ذات الرصيف، تعرج وهي تمسك بكلتا يديها بممشاة متنقلة، حتى وصلت عند حافة الرصيف وكان عليها أن تعبر زقاق نحو الرصيف الآخر، امعنت فيها النظر بتوجس فكيف ستفعل ذلك
كانت بكامل أناقتها، تضع بلوزة حريرية سوداء بدون اكمام، وبنطالا فضفاضا اسود . تزين رقبتها بسلاسل ذهبية وتضع نظارة طبية ذات إطار أسود. أما شعرها الأشقر فلجمته خلفها بشكل أنيق وتركت خصلة أمامية تتدلى على جنب جبينها
ابطأت سيري وأنا ارقب بحذر كيف ستنزل من الرصيف وتصعد الآخر.. توقف رفيقها إلى جوارها دون أي انفعال، مستمرا في تبادل الحديث معها. رفعت الممشى وأنزلت مقدمته، ثم اقتربت ودفعت به مرة أخرى حتى استوى على الشارع فنزلت إليه. ثم انزلقت به نحو الرصيف المقابل حيث أنا.. حينها كنت قد توقفت، وبصري لا يبارحها.. سألت نفسي ماذا ستفعل الآن؟ هل سيساعدها رفيقها؟ مرت سيارة بصعوبة من خلفهما وأنا مازلت أنتظر
اتكأت على مقودي الممشى بقوة فارتفعت العجلتين الاماميتين.. مازال الرفيق يثرثر وهي تبتسم، انزلت رأسها ثم رفعت مؤخرة الممشى فارتفع وسط دهشتي على الرصيف الثاني، لكن فجأة خذلتها إحدى ساقيها وهي تستوي على الرصيف، كدت أن أهرع نحوها، لكن رفيقها ببساطة أمسك بذراعها وأعانها على عدم السقوط ثم تركها تنطلق من جديد بعرجها واناقتها وممشاتها… في برهة التقينا وعبرنا بعضنا البعض على الرصيف و لم تراني.
عزة المقهور
18/ 5/ 2022